للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال بعضهم: إن العظام نجسة، تطهر بالدباغ، ودباغها غليها، اختاره بعض المالكية (١).

• دليل الحنفية على طهارة عظام الميتة:

[الدليل الأول]

قالوا: إن علة نجاسة الميتة، إنما هو لاحتباس الدم فيها، ولذلك حكم بطهارة ما لا ليس فيه دم سائل، فالعظم ونحوه أولى بعدم التنجس من هذا، فإن العظم ليس فيه دم أصلًا لا سائل، ولا غيره، ولا كان متحركًا بالإرادة إلا على وجه التبع، فإذا كان الحيوان الكامل الإحساس، المتحرك بالإرادة، لا ينجس لكونه ليس فيه دم سائل، فكيف ينجس العظم الذي ليس فيه دم سائل أصلًا.

والذي يوضح هذا أكثر أن الله سبحانه وتعالى حرم علينا الدم المسفوح، قال سبحانه وتعالى: (قُل لَاّ أَجِدُ فِي مَا أُوْحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَاّ أَن يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَّسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ) [الأنعام: ١٤٥].

وعفا عن غير الدم المسفوح، مع أنه من جنس الدم، والله سبحانه وتعالى حرم ما مات حتف أنفه، أو بسبب غير جارح محدد، فحرم المنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة، والفرق بينها إنما هو في سفح الدم، فدل على أن سبب التنجس هو احتقان الدم واحتباسه، وإذا كان كذلك فالعظم والقرن والظلف والظفر وغير ذلك ليس فيه دم مسفوح، ولا يعارض هذا بتحريم تذكية المرتد والمجوسي، ولو سفح الدم؛ لأن التحريم تارة يكون لاحتقان الدم، كما هو الحال في المتردية والنطيحة، وما صيد بعرض المعراض، وتارة تكون لفساد التذكية، كذكاة المجوسي والمشرك (٢).

[الدليل الثاني]

قالوا: إن هذه الأشياء ليست بميتة، فليست داخلة في عموم تحريم الميتة؛ لأن


(١) المنتقى شرح الموطا (٣/ ١٣٦، ١٣٧).
(٢) انظر مجموع الفتاوى (٢١/ ٩٩، ١٠٠) بتصرف يسير.

<<  <  ج: ص:  >  >>