للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لكن لا يعني أننا إذا حكمنا بنجاسة الماء إذا ولغ فيه الكلب أَنْ نقول بنجاسة كل ماء قليل حلت فيه نجاسة، ولو لم يتغير؛ لأن الكلاب خصت ببعض الأحكام من دون سائر النجاسات، فمنها الأمر بغسلها سبعًا، مع أن دم الحيض مع الإجماع على نجاسته لم نؤمر بغسله سبعًا، كما في حديث أسماء المتفق عليه، ومنها الأمر بالتتريب، وبالتالي لا يمكن أن يقاس الأخف على الأغلظ.

على أنه قد يقال: لا نسلم عدم تغير الماء من لعاب الكلب؛ لأن لعاب الكلب له لزوجة قد لا تتحلل في الماء، فتظهر على شيء منه، فيكون هذا نوعًا من تغير الماء عن طبيعته بالنجاسة فينجس، والله أعلم.

• دليل من قال بوجوب الغسل سبعًا مع التتريب:

(١٢٥٩ - ٢٣٠) ما رواه مسلم من طريق ابن سيرين، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب أن يغسله سبع مرات، أولاهن بالتراب (١).

فقوله صلى الله عليه وسلم: (طهور إناء أحدكم) جعل طهارة الإناء متوقفة على الغسل سبع مرات أولاهن بالتراب، ومن نقص من هذا العدد فلم يحصل للإناء الطهور، ومعنى هذا أنه نجس، والطهارة: هي الطهارة الشرعية: لأننا لا نرجع إلى الحقيقة اللغوية إلا إذا امتنع حمل اللفظ على الحقيقة الشرعية، ولم يمنع من ذلك مانع.

وكون الطهارة تتوقف على هذا الفعل دليل أن الأمر ليس تعبديًا، كما قال ذلك المالكية، إذ لو كان تعبديًا لما كان هذا الفعل طهارة للإناء، لأن الطهارة لا تكون إلا من حدث أو نجاسة، والإناء ليس محلًا لطهارة الحدث، فلم يبق إلا طهارة الخبث.

وهذا القول هو الراجح من أقوال أهل العلم، والله أعلم.

* * *


(١) صحيح مسلم (٢٧٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>