للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

* الدليل الثاني:

قال ابن قدامة: إن مس ذكر غيره معصية، وأدعى إلى الشهوة وخروج الخارج، وحاجة الإنسان تدعو إلى مس ذكر نفسه، فإذا انتقض بمس ذكر نفسه، فبمس ذكر غيره أولى.

قلت: أما كون مس ذكر الغير معصية فليست العلة في النقض كونه معصية، ولذلك لا يجب الوضوء من الكذب والغيبة والنميمة وهي من كبائر الذنوب، ولا يلزم أن يكون مس ذكر الغير معصية كما لو مست المرأة ذكر زوجها، أو طفلها.

وأما كونه مدعاة للشهوة وخروج الخارج، فليست هذه هي العلة أيضًا ولذلك لو مسه بشهوة مع الحائل لم ينتقض وضوؤه مع كونه مدعاة للشهوة وخروج الخارج، وكما لو مسه بغير يده بدون حائل لم ينتقض وضوؤه، فالعلة في النقض من مس الذكر إنما هي تعبدية ليست معقولة المعنى ظاهرًا، والله أعلم.

• دليل من قال: حكم مس الفرج من الغير حكم مس بدن الأجنبية:

سوف يأتي إن شاء الله تعالى ذكر أدلة هذه المسألة في بحث مستقل في حكم مس المرأة بشهوة، ونبين فيها بحوله وقوته الراجح فيها.

• الراجح في هذه المسألة:

الراجح، والله أعلم القول بعدم النقض، واختاره ابن عبد البر، حيث يقول: «والنظر عندي في هذا الباب أن الوضوء لا يجب إلا على من مس ذكره أو فرجه قاصدًا مفضيًا، وأما غير ذلك منه أو من غيره فلا يوجب الظاهر، والأصل أن الوضوء المجتمع عليه لا ينتقض إلا بإجماع أو سنة ثابتة غير محتملة للتأويل» (١).

وكلامه جيد إلا أن اشتراط القصد قول مرجوح، وقد ناقشنا وجه كونه مرجوحًا فيما تقدم، والله أعلم.

* * *


(١) فتح البر بترتيب التمهيد لابن عبد البر (٣/ ٣٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>