للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الجواب الرابع:

أن الحديث نهي عن الاغتسال، وذلك يعني غسل البدن كله، وأنتم أدخلتم ما دون ذلك، وذلك كما لو أدخل بعض أعضائه ناويًا رفع الحدث، فإن الماء يكون مستعملًا عندكم أي طاهرًا غير مطهر.

الجواب الخامس:

الحديث نهى الجنب أن يغتسل في الماء ما دام جنبًا سواء نوى رفع الحدث أو لم ينو؛ لأن معنى: (لا يغتسل أحدكم في الماء الدائم وهو جنب) أي لا يغتسل حالة كونه جنبًا، ولم يتطرق الحديث إلى اشتراط النية، وأنتم قلتم لو انغمس وهو جنب، ولم ينو رفع الحدث لا يكون الماء مستعملًا بل يبقى طهورًا. وهذه مخالفة رابعة للحديث.

فتبين أن هذا الدليل لا يصلح أن يكون دليلًا لهم.

وقد اختلف العلماء في العلة من نهي الجنب عن الاغتسال في الماء الدائم، هل العلة تعبدية، أو حتى لا يتحول الماء إلى ماء مستعمل، فيسلبه الطهورية بناء على تقسيم الماء إلى ثلاثة أقسام، أو العلة حفظ الماء عن التنجيس، بحيث إذا غسل الأذى قبل الاغتسال لم يمنع من الاغتسال فيه، أو أن النهي؛ لأن النفوس تعافه للطعام والشراب بعد ذلك، وإن كان طهورًا، وهذا أقربها؛ لأن الماء طهور لا ينجسه شيء، وبدن الجنب طاهر بالإجماع، وملاقاة الطهور للطاهر لا تنقله عن حكمه، بل ملاقاته للنجاسة إذا لم يتغير بها لم تنقله عن حكمه على الصحيح.

[الدليل الثاني]

قالوا: إن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه احتاجوا في أسفارهم الكثيرة إلى الماء، ولم يجمعوا المستعمل لاستعماله مرة أخرى، ولو كان طهورًا لجمعوه؛ لأن التيمم لا يجوز مع وجود الماء (١).


(١) المجموع (١/ ٢٠٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>