للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأما قوله في هبة الولد (رده) فهذا على حقيقته، لأنه قد أعطاه إياه فخرج من يده، فاحتاج الأمر إلى رده، وهو استعمال للفظ في حقيقته، فلا دليل فيه على مسألتنا.

ولو أراد الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله: (فليراجعها) صورة اللفظ ولم يرد الحقيقة الشرعية بمعنى أن يبقيها حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر ثم إن شاء طلق أو أمسك فلماذا يأمر بإمساكها بعد مراجعتها فقد قال له صلى الله عليه وسلم: (مره فليراجعها ثم ليمسكها) فالمراجعة رد للمرأة لعصمته، وإمساكها إبقاء لها على عقد الزوجية، والله أعلم.

أما قول ابن تيمية: بأن المراد فليراجعها: أي لا يعتزل بدنها؛ لأن العادة جرت أن المطلق يعتزل بدن المطلقة، فهو وإن كان من أحسن ما قيل إلا أنه يشكل عليه أنه قال في الحديث: مره فليراجعها، ثم ليمسكها. فالإمساك بعد المراجعة لا يقصد إمساك بدنها، وإنما الإبقاء على عقد الزوجية، وهذا الأمر بالإمساك جاء بعد الأمر بالمراجعة، فلو كانت زوجته لأمكنه إمساكها من غير مراجعة. والله أعلم.

وأما القول: بأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال ذلك لابن عمر بناء على ظنه بأن الزوجة قد طلقت فإنه بعيد جدًّا؛ لأن الرسول لا يمكن أن يعطي لفظًا شرعيًا بناءً على فهمٍ باطل.

[الدليل الثالث]

(١٩٣٤ - ٣٩٤) ما رواه البخاري معلقًا وفي بعض النسخ مسندًا: حدثنا أبو معمر، حدثنا عبد الوارث، حدثنا أيوب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عمر قال: حسبت علي بتطليقة (١).


(١) صحيح البخاري (٥٢٥٣). وفي النسخة التي شرحها الحافظ ابن حجر: (حدثنا أبو معمر) قال الحافظ في الفتح كذا في رواية أبي ذر، وهو ظاهر كلام أبي نعيم في المستخرج، وللباقين: (قال
أبو معمر) وبه جزم الإسماعيلي، ثم قال الحافظ: «وقد أخرجه أبو نعيم من طريق عبد الصمد بن عبد الوارث عن أبيه مثل ما أخرجه البخاري مختصرًا، وزاد: حين طلق امرأته، سأل عمر النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك». وسيأتي استكمال تخريجه عند الكلام على رواية أبي الزبير عن ابن عمر إن شاء الله تعالى.

<<  <  ج: ص:  >  >>