للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وجه الاستدلال:

قول الصحابي رضي الله عنه: (حسبت) على البناء للمجهول. وفي عهد النبوة لابد أن يكون الحاسب لذلك هو النبي صلى الله عليه وسلم، كقول الصحابي: (أمرت أو نهيت عن كذا)، في عصر الوحي فإن الآمر والناهي هو الرسول صلى الله عليه وسلم وأنه مرفوع حكمًا، وعلى أقل أحواله أن يكون ذلك موقوفًا على ابن عمر. وهو صاحب القصة، وهو راوي الحديث فإذا قال: إنها حسبت عليَّ تطليقة كان ذلك مقدمًا على قول غيره، كما أنه حين اختلف ابن عباس وميمونة، هل تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو محرم أو وهو حلال قدم قول ميمونة لكونها صاحبة القصة. فكذلك هنا.

بل قال الحافظ في الفتح: «لاينبغي أن يجيء فيه الخلاف الذي في قول الصحابي: (أمرنا بكذا) فإن ذلك محله حيث يكون اطلاع النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك ليس صريحًا، وليس كذلك في قصة ابن عمر، فإن النبي صلى الله عليه وسلم هو الآمر بالمراجعة، وهو المرشد

لابن عمر فيما يفعل إذا أراد طلاقها بعد ذلك، وإذا أخبر ابن عمر أن الذي وقع منه حسبت عليه بتطليقة كان احتمال أن يكون الذي حسبها عليه غير النبي صلى الله عليه وسلم بعيدًا جدًّا مع احتفاف القرائن في هذه القصة بذلك، وكيف يتخيل أن ابن عمر يفعل في القصة شيئًا برأيه وهو ينقل أن النبي صلى الله عليه وسلم تغيظ من صنيعه، كيف لم يشاوره فيما يفعل» (١).

وحاول ابن القيم أن يرد الحديث باحتمال فيه غرابة، فقال رحمه الله في تهذيب السنن: «لم يذكر فاعل الحساب، فلعل أباه حسبها بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم في الوقت الذي ألزم الناس فيه بالطلاق الثلاث، وحسبه عليهم اجتهادًا منه ومصلحة رآها للأمة، لئلا يتتابعوا في الطلاق المحرم، فإذا علموا أنه يلزمهم وينفذ عليهم أمسكوا عنه» (٢).


(١) فتح الباري (٩/ ٤٤٢) ح ٥٢٥٣.
(٢) تهذيب السنن (٣/ ١٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>