فاقتضى ذلك وجوب أحد شيئين: إما الماء عند وجوده، أو التراب عند عدمه، فكوننا نوجب الماء والتراب معًا هذا خلاف نص الآية، فلما لم يكن هذا الماء كافيًا في طهارته علمنا أن فرضه هو التيمم، ولو كان هذا الماء هو الماء الذي تقوم به طهارته لم تكن صلاته موقوفة على التيمم، فلما لم يرفع هذا الماء حدثه كان وجوده كعدمه كالماء النجس.
[الدليل الثاني]
أن التيمم بدل عن الماء، فلا يجمع بين الأصل والبدل، فإما أن يستعمل الماء، أو يتيمم، وما دام أن الماء لا يرفع حدثه ينتقل إلى بدله، وهو التيمم ويكون وجوده كعدمه، وهذا له أمثلة في الشريعة، فلو وجبت عليه كفارة يمين، ولم يجد الكسوة والرقبة، ووجد ما يطعم به تسعة مساكين انتقل إلى الصيام، ولم يؤمر بإطعام التسعة، وهكذا.
وكذلك من وجبت عليه رقبة، وكان عنده ثمن بعض الرقبة، انتقل إلى الإطعام كما لو عدم الرقبة أصلًا.
• واعترض على هذا الدليل:
أما قولكم: إنه لا يجمع بين البدل والأصل، فغير مسلم، فقد جمع بين الأصل والبدل في الوضوء، فهذا مسح الخفين بدل عن طهارة الماء، وقد جمع بينهما في الوضوء، فإنه يغسل أعضاء الوضوء، ويمسح قدميه.
كما أنه جمع بين الأصل والبدل في المسح على الجبيرة، فإن المسح بدل من الغسل، فلو كان في العضو جبيرة، فإنه يمسح عليها، ويغسل الباقي، وهو جمع بين الأصل والبدل.
وأما قولكم بأنه لا عبرة بالقدرة على البعض إذا لم يقدر على الكل قياسًا على القدرة على بعض الكفارة، فيقال: «ضابط الباب: أن ما لم يكن جزؤه عبادة مشروعة