للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ولو فرضنا أن عادتها أصبحت عشرة أيام، وكانت تصلي وتصوم فيما بين اليوم واليلة وبين العشرة، وتبين لنا بالتكرار أنها أيام حيض، فيجب عليها أن تقضي كل صوم واجب صامت فيه؛ لأنها تبين أنها صامت وهي حائض، فلا يصح الصوم منها، وعلى هذا يلزمها إعادة الصيام مرة أخرى، أما الصلاة فلكونها لا تقضى، لا يجب عليها إعادتها.

هذا ملخص مذهب الحنابلة، وهو من أضعف الأقوال، وفيه حرج ومشقة، وأظن أن هذا المذهب مهجور عمليًّا، وإن كان هو المشهور من المذهب، ولولا أن هذا الكتاب يعنى بذكر مذهب الأئمة ما عرجت عليه.

قال ابن تيمية: «وهذا القول باطل لوجوه:

أحدها: أن الله تعالى يقول:

(وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْماً بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُم مَّا يَتَّقُونَ) [التوبة: ١٥٠]، فالله تعالى بين للمسلمين في المستحاضة وغيرها ما تتقيه من الصلاة والصيام، في زمن الحيض، فكيف يقال: إن في الشريعة شكًّا مستمرًا يحكم به الرسول صلى الله عليه وسلم وأمته، نعم قد يكون شك خاص ببعض الناس، فأما أن يكون شك في نفس الشريعة فهذا باطل.

الثاني: أن الشريعة ليس فيها إيجاب الصلاة مرتين، ولا الصيام مرتين إلا بتفريط من العبد، فالصواب الذي عليه جمهور المسلمين أن من فعل العبادة كما أمر بحسب وسعه، فلا إعادة عليه» (١).

[دليل من قال: لا تصلي حتى يستمر بها الدم أقل مدة الحيض]

قالوا: لأن رؤية الدم قد يجوز أن تكون حيضًا تدع فيه الصلاة، ويجوز أن يكون دم فساد، تلزم فيه الصلاة، فلم يجز إسقاط فرض الصلاة بالشك والتجويز (٢).


(١) في مجموع الفتاوى (٢١/ ٦٣٢).
(٢) الحاوي (١/ ٤٠٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>