للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

هذا منه صلى الله عليه وسلم لا في حديث صحيح، ولا في حديث ضعيف أنه خفف الحدث الأصغر، فكيف نوجب على الإنسان أن يستعمل الماء في الحدث الأصغر على بعض أعضائه، وأن ذلك من باب تخفيف الحدث، قياسًا على تخفيف الحدث الأكبر، وهو أمر لم يحدث منه صلى الله عليه وسلم قط، فلو تعبد أحد بتخفيف الحدث الأصغر بغسل بعض أعضاء الوضوء مع وجود الماء لقيل: إنه مبتدع (١).

• دليل من قال: يستعمل الماء، ثم يتيمم.

[الدليل الأول]

قوله تعالى: (فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً) [المائدة: ٦].

فاشترط للتيمم عدم الماء، وهذا واجد للماء، ومن جهة أخرى، فإن كلمة (ماء) نكرة في سياق النفي، فتعم كل ماء، سواء كان قليلًا أو كثيرًا، فلا يتيمم حتى يفرغ من استعمال الماء، فيكون تيممه عن الباقي من أعضائه مما لم يمسها الماء، لتحقق فقد الماء.

• وأجيب:

بأن المقصود بكلمة (فلم تجدوا ماء) أي ماء يطهره، ألا ترى أن وجود الماء النجس لا يمنعه من التيمم؛ ولأنه معطوف على ما سبق، وقد سبق بيان حكم الوضوء والاغتسال بالماء في أول الآية بقوله: (فاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ) إلى قوله: (وَإِن كُنتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا) [المائدة: ٦]، فأراد به جميع البدن، ثم قال: (فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً) أي يقوم بجميع ما ذكر، فإن آخر الكلام مرتبط بأوله، فإذا لم يوجد هذا الماء الذي يقوم بجميع ما ذكر فإنه غير واجد لذلك الماء (٢).


(١) نعم ورد في حديث علي تخفيف الوضوء في تجديد الوضوء، وليس في تخفيف الحدث الأكبر، حيث مسح أعضاء الوضوء بالماء، وقال: هذا وضوء من لم يحدث، وقد تكلمنا على الحديث في باب الوضوء، فارجع إليه مشكورًا.
(٢) بدائع الصنائع (١/ ١١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>