وإذا كنتم تشترطون الضرر باستعمال الماء، فإن وجود الحرج والمشقة نوع من الضرر المعتبر شرعًا، وإذا كنا نبيح للمريض الفطر إذا شق عليه الصيام بسبب المرض، ولا نشترط أن يكون الصيام سببًا في زيادة المرض أو تأخير العافية، فكذلك في التيمم.
• وقد يُجاب عن ذلك:
بأن الحرج والمشقة لا ضابط لهما، وأن الناس يتفاوتون في هذا، فمنهم من يرى أن مس الماء البارد في ليالي الشتاء الباردة فيه حرج ومشقة حتى ولو لم يكن مريضًا، ومنهم من لا يشعر بالمشقة الكبيرة خاصة إذا كان ذلك على سبيل القربة، فلا بد من ضابط يمكن طرده لجميع الناس، فلا يصح التيمم إلا مع خوف الضرر من استعمال الماء، أو زيادة المرض.
• ويرد على ذلك:
بأن الناس كما هم متفاوتون في اعتبار الحرج والمشقة متفاوتون أيضًا في تقدير الضرر، والناس مؤتمنون على مثل ذلك، والخطأ في ذلك مغفور إذا عمل الإنسان بغلبة ظنه.
• دليل من قال: يتيمم المريض إذا خاف زيادة المرض أو تأخر البرء:
يجب على الإنسان أن يحفظ بدنه من كل شيء يضره، وإذا أخبر طبيب حاذق بأن أكل المباح يلحق به ضرر في بدنه حرم عليه أكله، فكذلك الواجبات تسقط عن الإنسان إذا كان يترتب على القيام بها ضرر في بدنه أو في ماله، وزيادة المرض أو تأخير البرء لا شك أنه ضرر يلحق بالإنسان، فيجب عليه دفعه، وقد قال سبحانه وتعالى:(وَإِن كُنتُم مَّرْضَى) فأباح التيمم للمريض، ومعلوم أن المرض الذي لا يتأثر من استعمال الماء كالصداع ووجع الضرس هو والصحيح سواء في استعمال الماء، وبالتالي لا يباح له التيمم، كما أن اشتراط خوف التلف لم يذكر في الآية.
وإذا كان خوف التلف يبيح التيمم فكذلك خوف المرض؛ لأن المرض محذور