للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الإجماع، لزم على ذلك أحد ثلاثة أمور:

الأول: أما أن يكون غسله لأعضاء الوضوء كان بنية رفع الحدث الأصغر، فيلزم منه أنه لم يغسلها بنية رفع الحدث الأكبر، فيبقى الحدث الأكبر ما زال على أعضاء الوضوء؛ لأن الحدث الأصغر أدنى، فهو لا يغني عن الحدث الأكبر؛ لكونه أعلى منه وأشد، والأخف لا يتضمن الأشد.

الثاني: أن يكون غسل أعضاء الوضوء بنية رفع الحدثين، فيقال: هذه دعوى، إذ لو كان هذا شرطًا لرفع الحدث الأصغر، لبينه النبي صلى الله عليه وسلم، وبينه القرآن، فلم يذكر في القرآن إلا قوله تعالى: (حَتَّى تَغْتَسِلُوا) وقال صلى الله عليه وسلم: (خذ هذا فأفرغه عليك).

الأمر الثالث: أن يكون غسله لأعضاء الوضوء كان بنية رفع الجنابة، وليس بنية رفع الحدث الأكبر، وهذا ما يفسر اكتفاء الرسول صلى الله عليه وسلم بغسلها في الوضوء عن غسلها مرة أخرى عند غسل سائر جسده، وهذا هو المتعين.

[الدليل الثالث]

قد يستدل له بأنه لا يمكن رفع الحدث الأصغر، والأكبر باق، وعليه فتكون نيته في الوضوء، هي نية الغسل، وإنما بدأ بمواضع الوضوء لشرفها.

وبعضهم استدل بطريقة أخرى، فقال: الوضوء في غسل الجنابة مستحب، فلو توضأ بنية الوضوء المعروف للزم منه أن يجزئ المستحب عن الواجب (١)، فلزم أن يكون الوضوء هو بنية الغسل، وليس بنية رفع الحدث.

قلت: وهذا الاستدلال يستأنس به مع الأدلة السابقة الذكر، وإن لم يكن وحده ملزمًا.

• دليل من قال: إن كان عليه حدث وجنابة لزمه نية رفع الحدث الأصغر:

ذكرنا دليلهم في الفصل الذي قبل هذا، من إيجابهم الطهارة الصغرى، وأجبنا عليه.


(١) بتصرف الذخيرة للقرافي (١/ ٣١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>