للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال ابن حزم رحمه الله: «وأما غسل الجنابة والوضوء، فإنه أجزأ فيهما عمل واحد، بنية واحدة لهما جميعًا، للنص الوارد في ذلك، ثم ذكر حديث ميمونة من رواية مسلم له، وفيه: (ثم غسل سائر جسده) فقال: هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يعد غسل أعضاء الوضوء في غسله للجنابة ... » (١).

ويذكر ابن عبد البر أن غسل أعضاء الوضوء في غسل الجنابة ليس من قبيل المستحب، بل هو فرض، ويقصد أن المستحب هو تقديمها في الغسل، وأما غسلها إذا قدمتها فهو فرض؛ لأنه بنية رفع الجنابة، ونية رفع الجنابة فرض.

يقول ابن عبد البر في الاستذكار: «والابتداء بالوضوء في غسل الجنابة يقتضي تقديم أعضاء الوضوء في الغسل سنة مسنونة في تقديم تلك الأعضاء خاصة؛ لأنه ليس في الغسل رتبة، وليس ذلك من باب السنة التي هي غير الفرض، ولذلك لم يحتج أن يعيد تلك الأعضاء بنية الجنابة؛ لأنه بذلك غسلها، وقدم الغسل لها على سائر البدن» (٢).

فقوله: «وليس ذلك من باب السنة التي هي غير الفرض» يقصد بالسنة: الطريقة المشروعة، وهي هنا يعني بها الفريضة.

وقال ابن عبد البر في التمهيد: «وأما قوله في حديث عائشة: (يتوضأ وضوءه للصلاة) فيحتمل أنها أرادت: بَدَأ بمواضع الوضوء، والدليل على ذلك أنه ليس في شيء من الآثار الواردة عنه صلى الله عليه وسلم في غسل الجنابة أنه أعاد غسل تلك الأعضاء، ولا أعاد المضمضة ولا الاستنشاق، وأجمع العلماء على أن ذلك كله لا يعاد، من أوجب منهم المضمضة والاستنشاق ومن لم يوجبها» (٣).

فإذا كان لا يرجع إلى أعضاء الوضوء مرة أخرى، وحكى فيه ابن عبد البر


(١) المحلى، مسألة (٩٥).
(٢) الاستذكار (٣/ ٦١).
(٣) التمهيد (٢٢/ ٩٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>