ويظهر الفرق بين هذه الأقوال فيمن احتلم، فأمسك ذكره حتى سكنت شهوته، ثم سال منه المني، وكذلك المجامع إذا اغتسل، ثم سال منه بقية المني، فمن قال: يشترط أن تكون اللذة مقارنة لظهوره من الجسد لم يشترط الغسل هنا، ومن قال: لا يشترط، أوجب الغسل، ومن لم يشترط خروج المني، واكتفى بانتقاله على وجه اللذة أوجب الغسل في المسألتين، والله أعلم.
• دليل من قال يشترط أن تكون اللذة مقارنة للخروج:
قال: إذا اشترطنا وجود اللذة، فإن المعتبر بوجودها في الحال الذي يجب فيه الغسل، والغسل إنما يجب بخروج المني، لا في انتقاله من مكانه، فإذا كان حال خروجه غير مصحوب بلذة لم يجب الغسل، لأنه في هذه الحالة لا فرق بين خروج المني وخروج المذي، فإن خروج المذي يخرج بعد انكسار الشهوة، ومع ذلك لا يجب فيه غسل.
• دليل من اشترط أن تكون اللذة حال الانتقال، ولو لم تكن مقارنة للخروج.
وجوب الغسل مبني على أمرين: خروج المني، ووجود اللذة، فإذا وجدت اللذة حال انتقال المني من مكانه، ثم خرج المني بعد ذلك فقد وجد موجب الغسل، وهو خروج المني بسبب الشهوة، ولا فرق بين أن تكون اللذة مقارنة أو غير مقارنة.
وصدق عليه حديث أم سلمة (هل على المرأة من غسل إذا هي احتلمت؟ قال: نعم إذا هي رأت الماء).
• دليل من قال: يكفي وجود الشهوة حال انتقال المني ولو لم يخرج المني:
قالوا: الغسل يجب بوجود الجنابة، وحقيقة الجنابة: هي تباعد الماء عن مكانه مع وجود الشهوة، هذا أصلها في اللغة قال تعالى:(وَالْجَارِ الْجُنُبِ)[النساء: ٣٦]، أي البعيد، فإذا انتقل الماء ولو لم يخرج فقد باعد الماء محله، فصدق عليه اسم الجنب، وبالتالي وجب الغسل لوجود الجنابة.