للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الجواب الثالث: أننا لو تنزلنا وقلنا بوجوب غسل الأواني، فإن غسل الأواني من أثر الخمر ليس فيه دليل على النجاسة؛ وإنما لكون الخمر والخنزير يحرم تناولهما، فخشية الوقوع في المحرم أمر بغسل الأواني منهما.

[الدليل الثالث]

قوله تعالى: (وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَاباً طَهُوراً) [الإنسان: ٢١].

وجه الاستدلال:

قال الشنقيطي: «وصفه شراب أهل الجنة بأنه طهور، يفهم منه أن خمر الدنيا ليست كذلك، ومما يؤيد هذا أن كل الأوصاف التي مدح الله تعالى بها خمر الآخرة منفية عن خمر الدنيا، كقوله تعالى: (لا فِيهَا غَوْلٌ وَلا هُمْ عَنْهَا يُنزَفُونَ) [الصافات: ٤٧]، وقوله تعالى: (لا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلا يُنزِفُونَ) [الواقعة: ١٩]، بخلاف خمر الدنيا، ففيها غول يغتال العقول، وأهلها يصدعون أي يلحقهم الصداع (١).

• وأجيب بأجوبة منها:

الأول: أن قوله تعالى: (وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَاباً طَهُوراً) [الإنسان: ٢١]، لا يوجد نص بأن المقصود به خمر الآخرة، وإنما هو شراب مخصوص يشربه المؤمنون، فيطهرهم من الذنوب وعن خسائس الصفات، كالغل والحسد، فجاءوا الله بقلب سليم، ودخلوا الجنة بصفات التسليم، وقيل لهم حينئذ سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين (٢).

ثانيًا: على التسليم بأن المراد به في قوله تعالى: (وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَاباً طَهُوراً) [الإنسان: ٢١] أن المراد به خمر الآخرة، فإن هذا لا يعني أن خمر الدنيا نجس، فلو أخذنا بالمفهوم -على ضعفه- فإنه يعني أن خمر الدنيا ليست بطهور، وما كان غير طهور لا يعني أنه نجس، بل قد يعني كونه طاهرًا، ومعلوم أن الطهور غير الطاهر.


(١) أضواء البيان (٢/ ١٢٨).
(٢) الجامع لأحكام القرآن (١٣/ ٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>