قال الشافعي: «لا أزعم أن الماء الذي شرب، ولا الطعام الذي أكل فيها محرم عليه، وكان الفعل من الشرب فيها معصية. فإن قيل: فكيف ينهى عنها ولا يحرم الماء فيها؟ قيل له -إن شاء الله- إن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما نهى عن الفعل فيها، لا عن تبرها، وقد فرضت فيها الزكاة، وتمولها المسلمون، ولو كانت نجسًا لم يتمولها أحد، ولم يحل بيعها ولا شراؤها (١).
• وقد يتعقب هذا الاستدلال:
بأن يقال: إن التحريم هنا لنفس الأكل والشرب، ولكن لعارض: وهو كونهما من إناء محرم، بدليل قوله صلى الله عليه وسلم: إنما يجرجر في بطنه نار جهنم. ولا يكون هذا إلا لمحرم، وإنما يجرجر في بطنه الأكل والشرب دون الإناء، ومثله: المال المعصوم إذا غصبه آخر، فإنه يحرم عليه لهذا العارض، كما في قوله تعالى:(إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَاراً)[النساء: ١٠] وإن كان المأكول ليس محرمًا لذاته، وإنما هو لعارض.
[الدليل الرابع]
أن الوضوء من آنية الذهب والفضة إنما يقع ذلك بعد رفع الماء من الإناء، وفصله عنه، فأشبه ما لو غرف بآنية الفضة في إناء آخر، ثم توضأ منه.
• وتعقب هذا:
بأن النبي صلى الله عليه وسلم جعل الشارب من آنية الذهب والفضة إنما يجرجر في بطنه نار جهنم، وهو حين انصباب الماء في بطنه يكون قد انفصل عن الإناء.
• دليل من قال لا تصح الطهارة من آنية الذهب والفضة:
[الدليل الأول]
لما حرم استعمال الإناء، وكان في الشرب والتطهر منه معصية الله تعالى -التي هي استعمال الإناء المحرم- صار فاعل ذلك مجرجرًا في بطنه نار جهنم بالنص، وكان