أن هذا توجيه يصح لو كانت العلة في النهي عن غمس اليد هي نجاسة اليد، أما من يرى أن العلة تعبدية، أو أن العلة كما ذكر ابن تيمية وابن القيم: هي مبيت الشيطان على يده أو مبيتها عليه فلا يصح هذا الاستدلال. ولو كانت العلة في الغسل النجاسة، لأرشد الرسول صلى الله عليه وسلم إلى غسلها مرة واحدة، ألا ترى إلى دم الحيض يصيب الثوب، أرشد الرسول صلى الله عليه وسلم إلى غسله مرة واحدة غسله تذهب بعين النجاسة مع أن نجاسته متيقنة، فكيف بالنجاسة المتوهمة.
وسوف نناقش العلة من غسل اليد قبل إدخالها في الإناء في مسألة مستقلة إن شاء الله تعالى، والقول بأن غسلها من أجل مبيت الشيطان عليها قياسًا على مبيته على الخيشوم قول ضعيف؛ حيث لم يذكر الشيطان مطلقًا في غسل اليد، ومثل ذلك لا يقال بالرأي، ولا بالقياس، والله أعلم.
[الدليل الثالث]
لما أرشد الرسول صلى الله عليه وسلم إلى غسل اليد ثلاث مرات قبل غمسها في الإناء علم أنه ليس بواجب إذ لو كان واجبًا لكفى فيها غسلة واحدة. قياسًا على دم الحيض.
• وأجيب:
بأن الذين قالوا بالوجوب لم يعللوا غسلها بالنجاسة، على أن العدد قد ورد حتى في إزالة النجاسة كالاستجمار والتسبيع في ولوغ الكلب.
• ويجاب:
بأن العدد لم يقتضيه القياس، وإنما النص، فهو لم يرد إلا في غسل نجاسة الكلب، ونجاسة الكلب مستثناة من بين سائر النجاسات، في وجوب التسبيع والتتريب ولو أنقت الغسلة الأولى، ولهذا لم يجب العدد في غسل نجاسة دم الحيض، وأما التثليث في الاستجمار فلأن الحجر ليس كالماء في قوة التطهير لكونه لا ينقي غالبًا فكان اشترط