للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وإذا ثبت في حديث ميمونة تأخير غسل رجليه في الوضوء إلا أن يفرغ من غسله، فإن الوضوء في هذه الصورة لم يتم إلا بعد الفراغ من الغسل، فإذا شُرِعَ له تأخير بعض أعضاء الوضوء إلى نهاية الاغتسال، لم يمنع أن يكون مخيرًا في الأعضاء الأخرى.

ويقال لهم: قولكم ليس فيه ترتيب، إن كنتم تقصدون أنه لا يجب الترتيب فمسلم، فإن الوضوء كله لو تركه واقتصر على الغسل، فقد ارتفع حدثه، وإن قلتم: ليس فيه ترتيب، أي مشروع، فإنه غير مسلم، فإن السنة واضحة في الصحيحين وفي غيرهما من تقديم الوضوء، وأما تأخير غسل الرجلين فإنه لا مانع أن يقال: السنة للمغتسل في القدمين التخيير بين غسل القدمين أولًا، أو تأخيرهما إلى نهاية الغسل، ولا يقاس أعضاء بقية أعضاء الوضوء عليهما، تمسكًا بالنص الوارد، مع اختلاف العلماء في علة تأخير غسل القدمين، وسوف يبحث إن شاء الله تعالى في فصل قادم العلة في تأخير غسل القدمين، والله أعلم.

• دليل من قال: إن نسي أن يتوضأ في أول غسله توضأ بعده:

هذا القول رأى أن النسيان عذر شرعي، والمعذور يغتفر له ما لا يغتفر لغيره، فإذا ترك الوضوء قبل الغسل معذورًا فله أن يأتي به بعد الغسل.

وهذا القول في ظاهره أنه جيد، وليس كذلك، فالمعذور يكتب له الأجر؛ لأنه لم يتعمد الترك، ولا يشرع في حقه الوضوء بعد الغسل، وذلك لأن الوضوء قبل الغسل يراد به ليس الوضوء الخاص برفع الحدث الأصغر، وإنما المطلوب أن يبدأ في غسله في مواضع الوضوء، ثم يغسل سائر جسده، ولا يغسل أعضاء الوضوء مرة أخرى، أما إذا اغتسل ثم توضأ يكون قد غسل أعضاء الوضوء مرتين، مرة في الغسل، ومرة في الوضوء، وهذا لا حاجة له.

وسيأتي مزيد بحث في مبحث مستقل عن نية الوضوء في الغسل، ليتبين لك

<<  <  ج: ص:  >  >>