للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وجه الاستدلال:

قالوا: إن قول ابن عمر: إنما نهي عن هذا في الفضاء، يدل على أنه علم ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيكون له حكم الرفع.

وأجيب:

هذا القول من ابن عمر يحتمل أن يكون قال ذلك فهمًا منه للفعل الذي شاهده من النبي صلى الله عليه وسلم ورواه، فكأنه لما رأى النبي صلى الله عليه وسلم في بيت حفصة مستدبرًا للقبلة، فهم اختصاص النهي بالبنيان، فلا يكون هذا الفهم حجة، ولا يصلح هذا للاستدلال به، خاصة وقد عارضه غيره من الصحابة، منهم أبو أيوب، وإذا اختلف الصحابة لم يكن في قول أحد منهم حجة، هذا على التسليم بأن قول ابن عمر: إنما نهي عن هذا بالفضاء صحيح، ومع تضعيفه فلا حاجة إلى هذا التوجيه، والله أعلم.

[الدليل الثالث]

من النظر، قالوا: إن التكريم وإن كان لجهة القبلة، فإن التفريق بين البنيان والصحراء له حظ من النظر، وذلك أن الأمكنة المعدة لقضاء الحاجة تكون مأوى للشياطين، فليست صالحة لكونها قبلة؛ ولأن الحديث يقول: إذا أتى أحدكم الغائط فلا يستقبل القبلة. وحقيقة الغائط: هو المكان المطمئن من الأرض في الفضاء، وهذه حقيقته اللغوية، فلا يدخل فيه البنيان أصلًا، وإن كان قد صار يطلق على كل مكان أعد لذلك مجازًا، فيختص النهي به؛ إذ الأصل في الإطلاق الحقيقة. قال الحافظ: وهذا الجواب للإسماعيلي، وهو أقواها.

وقالوا أيضًا: إن استقبال القبلة إنما يتحقق في الفضاء، وأما الجدار والأبنية، فإنها إذا استقبلت أضيف إليها الاستقبال عرفًا (١).


(١) الفتح (ح ١٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>