للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ورد هذا الاستدلال:

بأن الله سبحانه وتعالى جعل عدة الحامل بوضع الحمل، وعدة الحائل بالأقراء، ولو أمكن انقضاء عدة الحامل بالأقراء لأفضى ذلك بأن يملكها الثاني أو يتزوجها وهي حامل من غيره، فيسقي ماؤه زرع غيره (١).

والحمل يسيطر على ما عداه من العدد، فهو يلغي بأن يكون عدة ويلغي غيره كما لو مات رجل عن امرأته، وهي حامل، ووضعت بعد موته بلحظة فإن عدتها تنقضي، بينما المتوفى عنها زوجها بلا حمل، عدتها أربعة أشهر وعشرة أيام، ولهذا لو حاضت الحامل ثلاث حيض مطردة كعادتها تمامًا فإن عدتها لا تنقضي.

تبين من هذا أن إلغاء الاعتداد بالحيض زمن الحمل، ليس لأنه ليس حيضًا، وإنما لأن الحيض لا يصلح أن يكون عدة مع الحمل.

[الدليل السادس]

(١٥٦٥ - ٢٧) روى الدارمي من طريق سعيد بن أبي عروبة، عن مطر، عن عطاء،

عن عائشة في الحامل ترى الدم، قالت: تغتسل وتصلي.

[حسن لغيره] (٢).


(١) زاد المعاد (٤/ ٢٣٦).
(٢) أخرجه الدارمي في سننه كما في إسناد الباب (٩٣٣) من طريق سعيد بن أبي عروبة.
وأخرجه أيضًا (٩٣٤) من طريق همام، وأخرجه الدارقطني (١/ ٢١٩) من طريق يعقوب بن القعقاع ثلاثتهم (سعيد وهمام ويعقوب) عن مطر، عن عطاء، عن عائشة في الحامل ترى الدم. قالت: تغتسل وتصلي.
في إسناده مطر بن طهمان الوراق سيء الحفظ، خاصة فيما يرويه عن عطاء.
وقال أحمد: مطر في عطاء ضعيف الحديث. انظر الجرح والتعديل (٨/ ٢٨٧)، الطبقات الكبرى (٧/ ٢٥٤)، الضعفاء والمتروكين للنسائي (٥٦٧).
قلت: وهذا الأثر هو من حديثه عن عطاء.
وأخرجه عبد الرزاق (١٢١٤) ومن طريقه أخرجه ابن المنذر في الأوسط (٢/ ٢٣٩) قال:
أخبرنا محمد بن راشد، قال: حدثنا سليمان بن موسى، عن عطاء به. بلفظ: إذا رأت الحامل الصفرة توضأت وصلت، وإذا رأت الدم اغتسلت وصلت، ولا تدع الصلاة على كل حال.
وفي إسناده سليمان بن موسى، في حفظه شيء، وهو صدوق.
وفي الإسناد: محمد بن راشد. اختلف فيه.
وثقه أحمد ودحيم، وابن المديني، وقال يعقوب بن شيبة وابن المبارك: صدوق.
وقال الدارقطني: ضعيف عند أهل الحديث. السنن (٣/ ١٧٦).
وهذا من الدارقطني ليس مجرد حكم على الرجل، بل حكم منه، ونقل عن رجال أهل الحديث.
واختلف قول النسائي فيه، فقال مرة: ليس بالقوي. وقال في موضع آخر: ليس به بأس. تهذيب التهذيب (٩/ ١٤٠)، وقال أيضًا: ثقة. الضعفاء والمتروكين (٥٤٨)، اللسان (٧/ ٥١٩)، تهذيب التهذيب (٩/ ١٤٠).
وقيل لعبد الرحمن بن مهدي: إنك تحدث عن كل أحد. قال: عمن؟ فذكر له محمد بن راشد، فقال: أحفظ عن الناس ثلاثة: رجل حافظ متقن، فهذا لا يختلف فيه أحد. وآخر يهم، والغالب على حديثه الصحة، فهذا لا يترك حديثه، وآخر يهم، والغالب على حديثه الوهم، فهذا يترك حديثه. ضعفاء العقيلي (٤/ ٦٥).
وفي التقريب: صدوق يهم، ورمي بالقدر.
فالأثر بمجموع الطريقين يكون ثابتًا عن عائشة قولها: إن الحامل لا تحيض، ومع كونه موقوفًا على عائشة إلا أنه ثبت عنها أن الحامل تحيض، بل رجحه أحمد على هذا الأثر.
ففي زاد المعاد (٤/ ٢٣٤):
«قال إسحاق بن راهوية: قال لي أحمد بن حنبل: ما تقول في الحامل ترى الدم؟ فقلت: تصلي، واحتججت بخبر عطاء عن عائشة رضي الله عنها. قال: فقال لي: أين أنت من خبر المدنيين، خبر أم علقمة مولاة عائشة رضي الله عنها فإنه أصح.
قال إسحاق: فرجعت إلى قول أحمد رحمه الله».
وهذا كالصريح من أحمد رحمه الله بأن دم الحامل دم حيض، وسوف نأتي على أثر أم علقمة عن عائشة في أدلة القول الثاني.
وقال ابن قدامة في المغني (١/ ٤٤٣): «وروي عن عائشة -يعني القول بأن الحائض تصلي إذا رأت الدم- ثم قال: «والصحيح عنها إذا رأت الدم لا تصلي».

<<  <  ج: ص:  >  >>