للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ويناقش:

بأن الحيض إذا لم يوجد له تحديد في اللغة ولا في الشرع، علق الحكم بوجوده، فإذا الأذى وجد الحيض، وإذا لم يوجد فهي طاهرة.

[الدليل الثاني]

التتبع والاستقراء، حيث لم يوجد حيض أقل من ذلك عادة مستمرة في عصر من الأعصار، فلا يكون حيضًا.

قال الشافعي: «قد رأيت امرأة أُثبت لي أنها لم تزل تحيض يومًا، ولا تزيد عليه» (١).

وأجيب بما يلي:

قال الشيخ إبراهيم البيجوري: «الاستقراء كان من الإمام الشافعي رحمه الله لنساء العرب، ومعلوم أنه لم يتتبع نساء العالمين حتى يكون استقراء تامًا، بل ولا نساء زمانه كلهن، بل تتبع بعضهن حتى غلب على ظنه عموم الحكم، فهو استقراء ناقص، وهو إنما يفيد الظن، فهو دليل ظني» (٢).

قلت: حتى كلمة الشافعي لا تدل على أنه كان عن بحث واستقراء، بل إنه أفاد أنه وجد امرأة تحيض يومًا، ولا يعني أن هذا كان نتيجة بحث، واستقراء، ولذا وجد غيره من تحيض أقل من يوم،

فقد روى الدارقطني (٣)، والبيهقي (٤) من طريق العباس بن محمد، حدثنا محمد بن مصعب، قال: سمعت الأوزاعي يقول: عندنا امرأة تحيض غدوة، وتطهر عشية (٥).


(١) الأم (١/ ٦٤).
(٢) حاشية البيجوري (١/ ١٤١).
(٣) سنن الدارقطني (١/ ٢٠٩).
(٤) السنن الكبرى (١/ ٣٢٠).
(٥) فيه محمد بن مصعب، تكلموا في سوء حفظه.
قال النسائي: ضعيف. تهذيب التهذيب (٩/ ٤٠٤).
وقال يحيى بن معين: ليس بشيء. الجرح والتعديل (٨/ ١٠٢).
وقال أيضًا: لم يكن محمد بن مصعب من أصحاب الحديث، كان مغفلًا. كما في رواية عبد الله بن أحمد الضعفاء الكبير (٤/ ١٣٨).
وقال الخطيب البغدادي: كان كثير الغلط لتحديثه من حفظه، ويذكر عنه الخير والصلاح. تاريخ بغداد (٣/ ٢٧٦).
قال أحمد: حديثه عن الأوزاعي مقارب، وأما عن حماد بن سلمة ففيه تخليط، فقيل: تحدث عنه؟ قال: نعم. تهذيب الكمال (٢٦/ ٤٦٠).
وقال صالح بن محمد: عامة أحاديثه عن الأوزاعي مقلوبة، وقد روى عن الأوزاعي غير حديث، وكلها مناكير ليس لها أصول. تهذيب التهذيب (٩/ ٤٠٤).
وفي التقريب: صدوق كثير الغلط.
وقد يقال: إن كثرة الغلط تتوجه لما يتوقف على الحفظ من الأحاديث المرفوعة، وأما شيء وقع للأوزاعي وأخبر عنه، فيبعد وقوع الخطأ فيه، وليس بمتهم حتى يتعمد الكذب، فالظاهر صحته، خصوصًا وأن الإمام أحمد ذكر أن حديثه عن الأوزاعي مقارب، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>