للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أمر بالوضوء للطواف، مع العلم أنه قد حج معه خلائق عظيمة، وقد اعتمر عمرًا متعددة، والناس معتمرون معه، فلو كان الوضوء فرضًا في الطواف لبينه النبي صلى الله عليه وسلم بيانًا عامًا، ولو بينه لنقل ذلك المسلمون عنه، ولم يهملوه» (١).

وقال ابن القيم: «لم ينقل أحد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمر المسلمين بالطهارة، لا في عمرته، ولا في حجته، مع كثرة من حج معه واعتمر، ويمتنع أن يكون ذلك واجبًا ولا يبينه للأمة، وتأخير البيان عن وقته ممتنع» (٢).

قلت: وقد طاف مع الرسول صلى الله عليه وسلم في حجته خلق كثير، وكثير منهم حديث عهد بالإسلام، ومع ذلك لم يأمرهم بالطهارة، وقد ينتقض وضوء كثير منهم أثناء الطواف، ومع هذا الاحتمال القوي لم يبين الرسول صلى الله عليه وسلم أنه يلزمهم الطهارة في الطواف، مع أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد أخبر أنه يعلن أفعاله ليأخذ الناس مناسكهم، فقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يشعر بأنه قد لا يحج العام القابل، وكان كما تنبأ النبي صلى الله عليه وسلم، وإذا لم يدل دليل على وجوب الطهارة الصغرى للطواف، فكذلك لم يدل دليل على وجوب الطهارة من الجنابة، والله أعلم.

[الدليل الثاني]

قال ابن تيمية: «ثبت أيضًا أن الطهارة لا تجب لغير الصلاة».

(٧٨٤ - ١٠٤) لما ثبت في صحيح مسلم، من حديث ابن جريج، حدثنا سعيد ابن الحارث،

عن ابن عباس، أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى حاجته من الخلاء، فقرب له طعام، فأكل، ولم يمس ماء. قال ابن جريج: وزادني عمرو بن دينار، عن سعيد ابن الحارث، أن النبي صلى الله عليه وسلم قيل له: إنك لم تتوضأ؟ قال: ما أردت صلاة فأتوضأ.


(١) مجموع الفتاوى (٢١/ ٢٧٣).
(٢) تهذيب السنن (١/ ٥٢، ٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>