للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الشرع في وقت الطلاق إذنًا ومنعًا، فإن المرأة متى استبان حملها كان المطلق على بصيرة من أمره، ولم يعرض له من الندم ما يعرض له بعد الجماع ولا يشعر بحملها، فليس ما مُنِع منه نظير ما أذن فيه لا شرعًا ولا واقعًا ولا اعتبارًا، ولا سيما من علل المنع من الطلاق في الحيض بتطويل العدة، فهذا لا أثر له في الحمل (١).

[الدليل الرابع]

قالوا: إن الله سبحانه وتعالى أجرى العادة بانقلاب دم الطمث لبنًا وغذاء للحمل، فالخارج وقت الحمل يكون غيره، فهو دم فساد.

وأجيب:

قال ابن القيم: «وهذا من أكبر حجتنا عليكم؛ فإن هذا الانقلاب والتغذية باللبن إنما يستحكم عند الوضع، وهو زمن سلطان الرضاع، وارتضاع المولود، وقد أجرى الله العادة بأن المرضع لا تحيض، ومع هذا لو رأت دمًا في وقت عادتها لحكم له بحكم الحيض بالاتفاق، فلأن يحكم له بحكم الحيض في الحال التي لم يستحكم فيها انقلابه ولا تغذى الطفل به أولى وأحرى. وهب أن هذا كما تقولون، فهذا إنما يكون عند احتياج الطفل إلى التغذية باللبن، وهذا بعد أن ينفخ فيه الروح، فأما قبل ذلك فإنه لا ينقلب لبنًا لعدم حاجة الحمل إليه. وأيضًا فإنه لا يستحيل كله لبنًا، بل يستحيل بعضه، ويخرج الباقي (٢).

[الدليل الخامس]

قال تعالى (وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوَءٍ) [البقرة: ٢٢٨].

وقال سبحانه: (وَأُوْلاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ) [الطلاق: ٤].

قالوا: فلو كانت الحامل تحيض لكانت عدتها ثلاث حيض، فلما كان الدم الذي قد تراه الحامل لا ينقضي به العدة لم يكن حيضًا بل استحاضة.


(١) زاد المعاد (٤/ ٢٣٦).
(٢) انظر المرجع السابق، والصفحة نفسها.

<<  <  ج: ص:  >  >>