للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والحق أن في ذلك خلافًا على ما تبين، فمنهم من اعتبر الاقتصاد من الآداب التي يؤجر على فعلها، ولا يلزم من الإخلال بها الوقوع في المكروه كما يراه بعض الحنفية.

ولقد قال الشافعي في الأم: «لا أحب للمتوضئ أن يزيد على الثلاث، وإن زاد لم أكرهه إن شاء الله تعالى» (١).

ومنهم من رأى تحريم الزيادة كما حررت ذلك عند ذكر الأقوال.

[- دليل من اعتبر الاقتصاد من الآداب]

لعله رأى أن ترك السنة لا يلزم منه الوقوع في المكروه، وهذا حق لولا أنه جاء من الأحاديث ما يدل على ذم الزيادة على الثلاث، والله أعلم.

الراجح:

أما بالنسبة للعدد، فالزيادة على الثلاث إن لم تكن محرمة فهي مكروهة كراهة شديدة؛ لأنه قد ورد النهي عن الزيادة على الثلاث، وهو أكثر ما فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وأما بالنسبة لمقدار الماء المستعمل في الوضوء فلم يأت له حد من الشرع، بحيث لا يتجاوزه الإنسان، والناس يختلفون في هذا بدانة ونحافة، والمياه في عصرنا تأتي عن طريق الصنابير التي تدفع الماء دفعًا، لا يمكن معه التقيد بالمقدار الوارد إلا أن يأخذ الإنسان الماء في إناء، ويغلق الصنبور، وقد لا يتوفر الإناء في كل مكان، والأحاديث الواردة في مقدار وضوء النبي صلى الله عليه وسلم كلها تدل على أن كمية الماء ليس فيها حد بمقدار معين، وإنما الأمر تقريبي.

أما قول الشيخ عز الدين بن عبد السلام: للمتوضئ والمغتسل ثلاث أحوال:

الأول: أن يكون معتدل الخلق كاعتدال خلقه صلى الله عليه وسلم، فيقتدي به في اجتناب النقص عن المد والصاع.

الثاني: أن يكون ضئيلًا نحيف الخلق، بحيث لا يعادل جسده جسد النبي صلى الله عليه وسلم،


(١) الأم (١/ ٣٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>