للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ولأن النهي ليس بسبب الطهارة، وإنما عائد إلى أمر خارج، وهو الغصب.

وأما القياس على صيام أيام الفطر فلا يصح، ذلك أن النهي عائد في الصيام إلى ذات العبادة، فلا يصح صومه فيها، بخلاف الطهارة بالماء المغصوب، فالنهي ليس عائدًا إلى الطهارة، وإنما هو إلى أمر خارج، وهو الغصب.

وأما القياس على ما إذا وجب عليه طعام فأطعم المساكين طعام غيره، فإن كان الطعام قد تصرف فيه المساكين فيصح إطعامه لهم، ويستقر عليه الضمان، ولا فائدة من القول بأنه لا يصح إطعامه إياهم مع القول بجوب ضمانه؛ لأنه بضمانه ما دفع قد ملك هذا الطعام، فصح إخراجه إياه، وأما الإعتاق فلا يملكه، ولا يكون العبد حرًا، فعتقه إياه كعدمه؛ لأنه لم يصادف ملكًا، فالعبد باق على ملك صاحبه، وتبقى ذمته مطالبة بالإعتاق، والله أعلم.

[الدليل الثالث]

قالوا إن المعدوم شرعا كالمعدوم حسًّا فتكون صورة التطهير معدومة حسًّا مع العمد، وذلك مبطل للصلاة والطهارة.

• وأجيب:

بأن هذا النظر إنما يتم لو سلم أن الله تعالى أمر بالطهارة، واشترط في ذلك أن تكون الأداة مباحة، ونحن لا نسلم ذلك بل نقول: إن الله تعالى أوجب الطهارة والصلاة مطلقًا، وحرم الغصب، ولا يلزم من تحريم الشيء أن يكون عدمه شرطًا، ألا ترى أنه لو كان أحد يصلي ورأى معصومًا يغرق كان مطالبًا بالخروج من الصلاة وإنقاذه، فلو مضى في صلاته لم تبطل صلاته مع مقارنة المحرم، فكذلك في هذه المسألة (١).

[الدليل الرابع]

وقال بعضهم: إن تجويز الوضوء بالماء المغصوب يؤدي إلى إتلافه، وما يؤدي


(١) أنوار البروق (٢/ ٩٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>