للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وكون الأنثى أسرع نموًا هذا أمر محسوس، لكن تحديده بالسنة يحتاج إلى توقيف. ولا دليل هنا.

[دليل ابن حزم على أن البلوغ بالسن لا يكون إلا بتمام تسع عشرة.]

قال ابن حزم: «وأما استكمال التسعة عشر عامًا، فإجماع متيقن، وأصله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ورد المدينة، وفيها صبيان، وشبان، وكهول، فألزم الأحكام من خرج عن الصبا إلى الرجولة، ولم يلزمها الصبيان، ولم يكشف أحدًا من كل من حواليه من الرجال: هل احتلمت يا فلان؟ وهل أشعرت؟ وهل أنزلت؟ وهل حضت يا فلانة؟ هذا أمر متيقن لا شك فيه، فصح يقينًا أن هناك سنًا إذا بلغها الرجل أو المرأة فهما ممن ينزل، أو ينبت، أو يحيض إلا أن يكون فيهما آفة تمنع من ذلك، كما بالأطلس آفة منعته من اللحية لولاها لكان من أهل اللحى بلا شك. هذا أمر يعرف بما ذكرنا من التوقف وبضرورة الطبيعة الجارية في جميع أهل الأرض، ولا شك في أن من أكمل تسع عشرة سنة، ودخل في عشرين سنة، فقد فارق الصبا ولحق بالرجال - لا يختلف اثنان من أهل كل ملة وبلدة في ذلك (١).

ويجاب عن قول ابن حزم:

الاستدلال بالإجماع لا يصح إلا لو كان الإجماع منهم على أن من نقص عن تسع عشرة عامًا لم يصل إلى مرحلة البلوغ، أما كونهم اتفقوا على أن من أتم تسع عشرة سنة فقد بلغ، فلا يصح هذا دليلًا لرد ما دونها من مسائل الخلاف، وهذا بين.

أرأيت لو أنهم اتفقوا على استحباب شيء واختلفوا في وجوبه، فكونهم اتفقوا على استحبابه لا يكون دليلًا لرد خلافهم في الوجوب، والله أعلم.

* * *


(١) المحلى (مسألة: ١١٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>