قال الله تعالى:(كُلُوا مِن ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ)[الأنعام: ١٤١].
والأكل مباح، فهل إتيان حقه يوم حصاده تقولون: إنه مباح، ثم إنه قال في الآية الأخرى:(وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ)[البقرة: ١٢٥].
هل تقولون: إن المعتكف لا يصح اعتكافه إلا على طهارة؛ لأنه قرن بالصلاة، فإذا سقطت الدلالة من هذه الآية سقطت من تلك.
وكونه قدم الطواف على الصلاة ليس دليلًا على كونه أولى بالطهارة من الصلاة، فقد يكون قدم باعتبار أن الطواف أخص بالبيت من الصلاة، فالصلاة يصليها الإنسان في كل المساجد، بل في الأرض كلها، وأما الطواف فلا يطوف الإنسان إلا في هذا البيت، والله أعلم.
وأما الأمر بتطهير المكان، فالمراد من الشرك: وهو نجاسة معنوية، ومن الخبث: وهو نجاسة حسية، وأما المؤمن فإنه ليس بنجس، ولا ينجس بالحدث، ولا يمنع المحدث من دخول البيت، فليس مقصودًا في الآية.
• دليل من قال: الطهارة من الجنابة سنة في الطواف:
[الدليل الأول]
هذا القول لا يحتاج إلى دليل، وإنما الذي يطالب بالدليل الذي يقول باشتراط الطهارة من الجنابة ومن الحدث الأصغر للطواف، فعدم الدليل الموجب للطهارة كاف في الاستدلال، كما أن الأصل براءة الذمة حتى يثبت الدليل الصحيح الصريح، فدليل هذا القول هو عدم وجود دليل يدل على وجوب الطهارة من الحدث في الطواف، ومنه الطهارة من الجنابة.
قال ابن تيمية: «لم ينقل أحد عن النبي صلى الله عليه وسلم لا بإسناد صحيح، ولا ضعيف أنه