للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

جاء بوجوب مسح الرأس، وجاءت الأحاديث الصحيحة بمسح الناصية مع العمامة، وفي بعضها مسح العمامة ولم تذكر الناصية، فكان محتملًا لموافقة الأحاديث الباقية، ومحتملًا لمخالفتها، فكان حملها على الاتفاق، وموافقة القرآن أولى. قال أصحابنا: وإنما حذف بعض الرواة ذكر الناصية؛ لأن مسحها كان معلومًا؛ لأن مسح الرأس مقرر، معلوم لهم، وكان المهم بيان مسح العمامة.

قال الخطابي: والأصل أن الله تعالى فرض مسح الرأس، والحديث محتمل للتأويل، فلا يترك اليقين بالمحتمل، وقال هو وسائر الأصحاب: وقياس العمامة على الخف بعيد؛ لأنه يشق نزعه، بخلافها، والله أعلم (١).

• ورد عليهم:

بأن الظن بأن الصحابة رضوان الله عليهم اختصروا الحديث، وأنهم جاؤا بصيغة توهم أنه يجوز الاقتصار على العمامة، مع أن الاقتصار عليها لايجوز ظن لا يليق بصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد عدلهم الله في كتابه، وعدلهم الرسول صلى الله عليه وسلم بسنته، وهم أدرى الناس بمقتضى اللغة ومدلولها، وما حمل الناس على هذا الظن الذي لا يليق بصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أن الإنسان قد يعتقد حكم المسألة قبل النظر في أدلتها، إما تقليدًا لإمام، أو موافقة لقول الأصحاب، وبالتالي إذا جاء ما يخالف هذا الاعتقاد تكلف في التأويل غير المستساغ، وأما من يسلم قياده للدليل الشرعي فإنه يميل معه حيث ما مال، وافق من وافق، وخالف من خالف؛ لأن الحجة هو الدليل والدليل وحده، بفهم الصحابة رضوان الله عليهم، ولهذا تجد أهل الحديث أقل الناس خلافًا لسلامة المنهج، والله الموفق للصواب.

• أدلة المانعين.

[الدليل الأول]

قال تعالى: (وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ) [المائدة: ٦]، وحقيقته تقتضي إمساسه الماء،


(١) المجموع (١/ ٤٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>