للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ولا أدري هل يستقيم القول: بأنه محجوج بالإجماع قبله، مع مخالفة زفر والطبري وبعض أصحاب داود، ومالك وأحمد في رواية عنهما، وهل ثبت الإجماع فعلًا؟ أو تكون عبارة: لا أعلم مخالفًا ليست نقلًا للإجماع، بقدر ما هي نقل لعدم العلم بالخلاف، وبينهما فرق.

[- دليل من قال: لا يجب غسل المرفقين]

استدلوا بقوله تعالى: (وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ) فكلمة (إلى) لانتهاء الغاية فما بعدها غير داخل فيما قبلها، كما لا يجب دخول الليل في الصيام لقوله تعالى: (ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى الَّليْل) [البقرة: ١٨٧].

- وأجيب عن الآية بجوابين:

الأول: أن (إلى) في هذا الموضع بمعنى (مع) وليست غاية للمحدود، فيكون معنى الآية (وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ) أي مع المرافق، وهذا المعنى معروف في كلام العرب، كما في قوله تعالى:

(وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ) [البقرة: ١٤]، أي مع شياطينهم.

وكما في قوله تعالى: (مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللَّهِ) [آل عمران: ٥٢]، أي: مع الله.

وكما في قوله تعالى: (وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ) [النساء: ٢] أي: مع أموالكم.

وقال ابن عبد البر: وقد تكون إلى بمعنى الواو، فيكون المعنى: وأيديكم والمرافق (١).

الجواب الثاني:

أن (إلى) وإن كانت حدًا وغاية فقد قال المبرد: إن الحد إذا كان من جنس المحدود دخل في جملته، وإن كان من غير جنسه لم يدخل، ألا تراهم يقولون: بعتك الثوب من الطرف إلى الطرف، فيدخل الطرفان في البيع؛ لأنهما من جنسه، وكذلك لم يدخل


(١) انظر التمهيد (٢٠/ ١٢٣)، الاستذكار (١/ ١٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>