للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

• دليل القائلين بكراهة الخضاب بالسواد:

جمعوا بين النهي عن الخضاب بالسواد، وبين فعل الصحابة على أن النهي ليس للتحريم، ولو كان للتحريم لما خضب جمع من السلف من الصحابة والتابعين ومن بعدهم.

قال ابن القيم: «صح عن الحسن والحسين رضي الله عنهما أنهما كان يخضبان بالسواد، ذكر ذلك عنهما ابن جرير في كتاب تهذيب الآثار، وذكره عن عثمان بن عفان، وعبد الله بن جعفر، وسعد بن أبي وقاص، وعقبة بن عامر، والمغيرة بن شعبة، وجرير بن عبد الله، وعمرو بن العاص، وحكاه عن جماعة من التابعين منهم عمرو ابن عثمان، وعلي بن عبد الله بن عباس، وأبو سلمة بن عبد الرحمن، وعبد الرحمن بن الأسود، وموسى بن طلحة، والزهري، وأيوب، وإسماعيل بن معدي كرب، وحكاه ابن الجوزي عن محارب بن دثار، ويزيد، وابن جريج، وأبي يوسف، وأبي إسحاق، وابن أبي ليلى، وزياد بن علاقة، وغيلان بن جامع، ونافع بن جبير، وعمرو بن علي المقدمي، والقاسم بن سلام» (١).

فذكر ابن القيم ثمانية من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يصبغون بالسواد، أيكون الصبغ متوعدًا عليه بأنه لا يريح رائحة الجنة، ثم هؤلاء يصبغون؟! ولا ينقل إنكار من الصحابة رضوان عليهم، وهم أكمل الأمة في النصح والعلم والقيام بالواجب، لا يخافون في الله لومة لائم، فإما أن نقول: إن فعل مثل هؤلاء يقدح في المنقول من النهي، وهذا غير جيد، أو نقول: إن فعل هؤلاء يبين أن النهي ليس للتحريم، وإنما هو للكراهة، فيكون من أجازه لم يعارض من كرهه، والجواز لا ينافي الكراهة كما هو


(١) زاد المعاد (٤/ ٣٦٩)، وذكر نحوًا من ذلك القاضي عياض، فقال في شرحه لصحيح مسلم (٦/ ٦٢٥): «وكان منهم من يخضب بالسواد، وذكر ذلك عن عمر وعثمان والحسن والحسين وعقبة بن عامر، ومحمد بن علي وعلي بن عبد الله بن عباس، وعروة وابن سيرين، وأبي بردة في آخرين». اهـ

<<  <  ج: ص:  >  >>