للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

للقفر: مفازة» (١). وكما يقال للملدوغ سليم.

[الدليل الثالث]

(٢٠٥٢ - ٣) ما رواه البخاري من طريق الزهري، أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن،

أن أبا هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما من مولود إلا يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه، وينصرانه، أو يمجسانه، كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء، هل تحسون فيها من جدعاء ... ثم يقول أبو هريرة رضي الله عنه: (فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ) [الروم: ٣٠] (٢).

وجه الاستدلال:

قوله في الحديث (كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء) يعني: سالمة مستقيمة، هل تحسون فيها من جدعاء - يعني: مقطوعة الأذن، فشبه قلوب بني آدم بالبهائم؛ لأنها تولد كاملة الخلق سالمة لا نقص فيها، ثم تقطع آذانها بعد، وأنوفها، فيقال: هذه بحائر، وهذه سوائب. فكذلك قلوب الأطفال في حين ولادتهم ليس لهم كفر حينئذٍ ولا إيمان، ولا معرفة ولا إنكار، كالبهائم السالمة فلما بلغوا استهوتهم الشياطين، فكفر أكثرهم، وعصم الله أقلهم (٣).

فيكون على هذا معنى: (كل مولود يولد على الفطرة): أي على خلقة سالمة مستقيمة يعرف بها ربه إذا بلغ مبلغ المعرفة، مهيأ لقبول الدين، كما خلق أعينهم وأسماعهم قابلة للمرئيات والمسموعات، فما دامت على ذلك القبول، وعلى تلك الأهلية أدركت الحق ودين الإسلام.

والذي يظهر أن الفطرة المذكورة في الحديث غير الفطرة المذكورة في الآية والتي استشهد بها أبو هريرة، ذلك أن الفطرة المذكورة في الحديث ذكر أنها تبدل وتغير،


(١) التمهيد (١٨/ ٧٠ - ٧١).
(٢) صحيح البخاري (١٣٩٥)، ورواه مسلم (٢٦٥٨).
(٣) انظر التمهيد (١٨/ ٦٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>