لأن شرع من قبلهم شرع لهم، ما دام أنه لم يأت في شرعهم ما ينفيه، وأن الإنسان لو لم يقم بمثل هذا لكان مفرطًا؟ أو نقول: إن الأصل براءة الذمة حتى يأتي الخطاب المكلف من الشارع، كما قال سبحانه:(قُل لَاّ أَجِدُ فِي مَا أُوْحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَاّ أَن يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَّسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ)[الأنعام: ١٤٥]،
وأما قولكم: إنه يجوز أن يكون الرسول قد خص بالتكليف في الطهارة من الثياب وفي الصلاة، فإن كان الأمر من باب التجويز العقلي فهذا جائز، والأصل عدمه، وإن كان من باب الدعوى فأين الدليل على أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد كلف بالصلاة دون سائر أمته في أول الإسلام؟ والله أعلم.
• الدليل الثاني على أن الطهارة شرط لصحة الصلاة:
(١١٩٣ - ١٦٤) ما رواه البخاري، من طريق هشام بن عروة، عن فاطمة بنت المنذر،
عن أسماء بنت أبي بكر الصديق أنها قالت: سألت امرأة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله أرأيت إحدانا إذا أصاب ثوبها الدم من الحيضة كيف تصنع؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا أصاب ثوب إحداكن الدم من الحيضة، فلتقرصه، ثم لتنضحه بماء، ثم لتصلي فيه (١).
وجه الاستدلال:
فكونه صلى الله عليه وسلم أمر بغسل الثوب من دم الحيض قبل الصلاة فيه، دليل على امتناع الصلاة وعدم صحتها في الثوب المتنجس بدم الحيض، وإذا كان وجود دم الحيض