للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[الدليل الثامن]

من النظر، إذا جاز المسح على الخف جاز المسح على الجورب؛ لأن كلًا منهما لباس للقدم، ولا فرق.

فإما أن تكون الجوارب داخلة في مسمى الخف لغة، وإما أن تلحق الجوارب بالخفاف قياسًا.

قال ابن تيمية: يجوز المسح على الجوربين إذا كان يمشي فيهما، سواء كانت مجلدة، أو لم تكن في أصح قولي العلماء، ففي السنن أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح على جوربيه ونعليه، وهذا الحديث إذا لم يثبت فالقياس يقتضي ذلك؛ فإن الفرق بين الجوربين والخفين إنما كون هذا من صوف، وهذا من جلد، ومعلوم أن مثل هذا الفرق غير مؤثر في الشريعة، فلا فرق بين أن يكون جلودًا أو قطنًا أو كتانًا أو صوفًا، كما لم يفرق بين سواد اللباس في الإحرام وبياضه، وغايته أن الجلد أبقى من الصوف، وهذا لا تأثير له، كما لا تأثير لكون الجلد قويًا، بل يجوز المسح على ما يبقى، وعلى ما لا يبقى، وأيضًا فمن المعلوم أن الحاجة إلى المسح على هذا كالحاجة إلى المسح على هذا سواء، ومع التساوي في الحكمة والحاجة يكون التفريق بينهما تفريقًا بين متماثلين، وهذا خلاف العدل والاعتبار الصحيح، الذي جاء به الكتاب والسنة» (١).

وسبق لنا كلام أنس رضي الله عنه في تخريج الأثر الوارد عنه، فقد قال عن الجوربين: إنهما خفان، ولكنهما من صوف.

وعلق أحمد شاكر بكلام جميل طويل أقتصر منه على قوله: «المعنى في حديث أنس أدق، فليس الأمر قياسًا للجوربين على الخفين، بل هو أن الجوربين داخلان في مدلول كلمة الخفين بدلالة الوضع اللغوي للألفاظ على المعاني، والخفان ليس عليهما موضع خلاف، فالجوربان من مدلول كلمة (الخفين) فيدخلان فيهما بالدلالة


(١) مجموع الفتاوى (٢١/ ٢١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>