للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الأحمر، والقصة البيضاء» (١).

[دليل من فرق بين الكدرة في أول الحيض وفي آخر الحيض]

قال أبو يوسف: إن الكدرة لا تكون حيضًا إلا إذا كانت في آخر أيام الحيض.

وجه ذلك ما ذكره الكاساني، قال: «إن الحيض، هو الدم الخارج من الرحم، لا من العرق، ودم الرحم يجتمع فيه زمان الطهر، ثم يخرج الصافي منه، ثم الكدر، ودم العرق يخرج الكدر منه أولًا ثم الصافي، فينظر: إن خرج الصافي أولًا علم أنه من الرحم فيكون حيضًا، وإن خرج الكدر أولًا علم أنه من العرق فلا يكون حيضًا» (٢).

وهذا التعليل مبني على الرأي المحض، لا على قول الأطباء، ولا على نص شرعي، والنصوص لم تفرق إلا بين الكدرة في زمن العادة، وبين الكدرة بعد الطهر، بل إن دم المرأة ينزل أول ما ينزل ضعيفًا في غزارته ولونه، ثم يشتد، ثم يضعف حتى ينقطع، والضعف كما يكون في سيلانه، يكون في لونه ورائحته. والله أعلم.

[دليل من قال: الصفرة والكدرة حيض إن كانت في زمن الحيض]

(١٦١٦ - ٧٨) استدلوا بما رواه مالك، قال: عن علقمة بن أبي علقمة، عن أمه مولاة عائشة أم المؤمنين أنها قالت:

كان النساء يبعثن إلى عائشة أم المؤمنين بالدرجة فيها الكرسف، فيه الصفرة من دم الحيضة، فتقول لهن: لا تعجلن حتى ترين القصة البيضاء (٣).

[حسن] (٤).


(١) المحلى مسألة (٢٦٩).
(٢) بدائع الصنائع (١/ ٣٩).
(٣) الموطأ (١/ ٥٩).
(٤) صححه النووي في المجموع (٢/ ٤١٦)، وسكت عليه الحافظ في الفتح (١/ ٥٨٨) وفي التلخيص (١/ ٣٠١)، وعلقه البخاري عن عائشة جازمًا به في كتاب الحيض باب (١٩) إقبال الحيض وإدباره، وقد علم أن البخاري إذا علق شيئًا بصيغة الجزم فهو صحيح إلى من علقه عنه، فإذا علقه عن عائشة كان صحيحًا إلى عائشة.
والأثر فيه أم علقمة، ذكرها ابن حبان في ثقاته (٥/ ٤٦٦).
وفي التقريب: مقبولة، يعني بالمتابعة، وإلا فلينة الحديث.
وذكرها الذهبي في الميزان من المجهولات (٤/الترجمة ٩٤٤). والراجح أنها حسنة الحديث.
والذي أراه أن حديثها في مرتبة الحسن لذاته.
أولًا: لأنها من التابعين، والكلام في التابعين قليل، واشتراط أن يوجد فيه نص على توثيقها متعسر؛ لقلة الكلام في الرواة، ولكون الكذب في عهدهم لم يتفش.
ثانيًا: البخاري قد علق في كتاب الحيض، في باب (١٩) إقبال الحيض وإدباره أثرًا عن عائشة بصيغة الجزم، وهذا يقتضي صحته إلى من علقه عنها، وهو لا يعرف إلا من رواية أم علقمة، عن عائشة، فلو كان فيها ما يقدح في روايتها لعلقه البخاري عنها، عن عائشة.
ثالثًا: أن مالكًا أخرج لها في الموطأ (١/ ٥٩)، ومعلوم شدة الإمام مالك، وتنقيته للرجال، وهي مدنية، ومالك من أعلم الناس في أهل المدينة. والله أعلم.
أن الإمام أحمد قد أومأ إلى صحة ما روته عن عائشة.
ففي زاد المعاد (٤/ ٢٣٤): «قال إسحاق بن راهوية: قال لي أحمد بن حنبل: ما تقول في الحامل ترى الدم؟ فقلت: تصلي، واحتججت بخبر عطاء عن عائشة رضي الله عنها. قال: فقال لي: أين أنت من خبر المدنيين، خبر أم علقمة مولاة عائشة رضي الله عنها فإنه أصح، قال إسحاق: فرجعت إلى قول أحمد رحمه الله».
وهذا صريح من أحمد وإسحاق إلى الاحتجاج بأم علقمة.

<<  <  ج: ص:  >  >>