للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وصلت ثم يرين بعد ذلك الصفرة اليسيرة فتنهاهن عن الاستعجال، وأن يعتزلن الصلاة حتى يرين البياض خالصًا، والمقصود بها القصة البيضة، ليكون مطابقًا لما روي عن عائشة، ولو كان المقصود بقولها: (إحدانا تطهر) بالقصة البيضاء ما تشوفت لرؤيته مرة ثانية؛ لأن المرأة ترى القصة مرة واحدة عقب الحيضة، والله أعلم.

[الدليل الثاني]

إذا كانت الصفرة والكدرة في زمن الحيض حيضًا، فكذلك إذا كانت بعد الطهر؛ لأنكم إما أن تقولوا: بأنها حيض مطلقًا، في العادة وبعدها، أو تقولوا: ليست بحيض مطلقًا، فأما أن تعتبروها في زمن مانعة من الصلاة والصيام، وفي زمن ليست مانعة، فهذا خطأ يخالف القواعد.

وأجيب:

بأن التفريق بين زمن العادة وغيرها إنما قلناه تبعًا للنصوص، لا أن ذلك وفقًا للقياس، والنص مقدم على القياس.

وقد يقال: إن الصفرة والكدرة على وفق القياس، وذلك أنهما إذا كانا في زمن العادة والحيض، كان هذا وقت سلطان الدم، فهما أثر من آثاره؛ لأن العادة تبدأ ضعيفة، ثم تشتد ثم تتدرج بالضعف حتى تطهر المرأة، وما دامت في وقت الدم فقد أعطيت حكمه؛ لأن الكدرة أثر من آثاره، بخلاف ما إذا كان بعد الطهر فإنها ليست من أثر الحيض.

ولأن الرسول صلى الله عليه وسلم في المستحاضة لم يردها إلى التمييز، بل ردها إلى عادتها، بصرف النظر عن لون الدم، هل كان أسود أو أحمر، هل له رائحة، أو ليس له رائحة، فقدم الشرع العادة على اللون، ومن ألغى الكدرة في أيام العادة فقد عمل بالتمييز في وقت عادة المرأة، وهذا خلاف النصوص، كما سيأتي بيانه في المستحاضة، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>