للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وثانيًا: أن المحيض في الآية اسم لمكان الحيض كالمقيل والمبيت. قاله ابن عقيل: وهو ظاهر كلام أحمد (١).

وثالثًا: قال ابن تيمية، قوله تعالى: (هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ) فذكر الحُكْم بعد الوصف بالفاء، فدل على أن الوصف هو العلة، لاسيما وهو مناسب للحكم، كآية السرقة، والأمر بالاعتزال في الدم للضرر والتنجيس، وهو مخصوص بالفرج، فيختص الحكم بمحل سببه (٢).

[الدليل الثاني]

(١٩١٦ - ٣٧٦) ما رواه مسلم، قال: حدثني زهير بن حرب، حدثنا عبد الرحمن ابن مهدي، حدثنا حماد بن سلمة، حدثنا ثابت،

عن أنس، أن اليهود كانوا إذا حاضت المرأة فيهم، لم يؤاكلوها، ولم يجامعوهن في البيوت، فسأل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم النبي صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله تعال: (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ) [البقرة: ٢٢٢]، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اصنعوا كل شيء إلا النكاح ... الحديث (٣). وقد سقت الحديث بتمامه في أدلة أصحاب القول الأول.

ورواه أحمد، عن عبد الرحمن بن مهدي به، وفيه: اصنعوا كل شيء إلا الجماع (٤).

فلم يستثن الرسول صلى الله عليه وسلم إلا الجماع، وما عداه فهو مأمور به أمر إرشاد وإباحة، وهذا الحديث تضمن تفسير قوله تعالى: (فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ) [البقرة: ٢٢٢] وأن المقصود اعتزال الوطء في الفرج، فلم يبق مجال للاجتهاد في تفسير الاعتزال ولا في تفسير كلمة «المحيض»، وقد جاءت مفسرة من النبي صلى الله عليه وسلم.


(١) انظر: المبدع شرح المقنع (١/ ٢٦٤).
(٢) انظر: المرجع السابق، نفس الصفحة.
(٣) صحيح مسلم (٣٠٢).
(٤) المسند (٣/ ١٣٢ - ١٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>