للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

علف لدوابكم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فلا تستنجوا بهما؛ فإنهما طعام إخوانكم (١).

وإن كان العظم والروث نجسين، كان علة النهي النجاسة،

(١٤٧٣ - ٢١٥) لما رواه البخاي من حديث ابن مسعود رضي الله عنه، قال: أتى النبي صلى الله عليه وسلم الغائط، فأمرني أن آتيه بثلاثة أحجار، فوجدت حجرين والتمست الثالث فلم أجده، فأخذت روثة، فأتيته بها، فأخذ الحجرين وألقى الروثة وقال: هذا ركس (٢).

وسقنا إسناده في أول دليل في مسألتنا هذه. فقوله صلى الله عليه وسلم: هذا ركس: أي نجس كما بيناه من قبل، ولا ينبغي أن يفسر الركس بمعنى الرجيع، فإن ذلك إخبار بالمعلوم، فيؤدي الحمل عليه إلى خلو الكلام من فائدة، والله أعلم.

• دليل من قال: يجوز الاستنجاء بالعظم والروث:

لا أعلم له دليلًا، وقد صرح أشهب بأنه لا يعلم فيه نهيًا، وهذا دليل على أنه لم يبلغه النهي، ولو بلغه لقال به؛ لأن النهي ثابت في صحيح البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة وابن مسعود وغيرهما كما سقناه في أدلة القول الأول.

• دليل من قال: لا يستنجي، وإذا استنجى أجزأ:

قالوا: إن كان العظم والروث طعام إخواننا من الجن، فإن هذا لا يمنع من صحة الاستنجاء، كما لو استنجى بثوب غيره، فكونه قد اعتدى على ثوب غيره لم يمنع من الاستنجاء به، وإن كان العظم والروث نجسين فإن هذا أيضًا لا يمنع من صحة الاستنجاء؛ لأن العظم نجاسته لا تتعدى كما لو كان خاليًا من الرطوبة، وكذلك البعر الناشف لا تتعدى نجاسته إلى البدن، فهو يزيل النجاسة، ولا ينجس غيره، وبالتالي فإن النهي عن الاستنجاء منهما منفك عن كونهما ينظفان المحل، وكيف نحكم على المحل بالنجاسة وقد زالت عينها؟

وهذا أقرب الأقوال، أنه لا يستنجي بهما، وإن فعل أجزأ إذا أنقت المحل، والله أعلم.

* * *


(١) مسلم (٤٥٠).
(٢) صحيح البخاري (١٥٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>