للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

• دليل من قال: لا بد من التراب:

إن التراب ليس غسلة مستقلة حتى يقال: إن الماء أقوى من التراب، وإنما المقارنة بين غسله بالماء وحده، أو بالماء مع التراب، ولا شك أن الجمع بين التراب والماء في الإزالة أقوى من الماء وحده، ولهذا المعنى قصد الشارع من الجمع بينهما حصول الطهارة المستيقنة.

قال ابن قدامة: «فأما الغسلة الثامنة فالصحيح أنها لا تقوم مقام التراب؛ لأنه إن كان القصد به تقوية الماء في الإزالة، فلا يحصل ذلك بالثامنة؛ لأن الجمع بينهما أبلغ في الإزالة، وإن وجب تعبدًا امتنع إبداله والقياس عليه» (١).

وقال العراقي: «وأما من قال من أصحابنا يكفي؛ لأن الماء أبلغ في التطهير من التراب فمردود؛ لأنه لا يجوز أن يستنبط من النص معنى يعود عليه بالإبطال» (٢).

• دليل من قال: يكفي إذا فقد التراب:

أن الواجب هو التراب، فإذا تعذر فإما أن نقول: إنه يسقط التراب إلى غير بدل، أو يسقط إلى بدل وهو الغسلة الثامنة، ولو كانت الغسلة السابعة كافية في التطهير لما أوجب التراب، فالإناء بعد غسله سبع مرات ما زال نجسًا، يحتاج إلى التراب، وقد تعذر التراب فأقمنا الغسلة الثامنة مقامه، والله أعلم.

الراجح والله أعلم، أن الغسلة الثامنة لا تقوم مقام التراب، ولو غسل الإناء مائة مرة، لأن الماء قد عمل عمله بغسله سبع غسلات، ولا معنى لتكرار غسله بالماء، وقد امتثل المطلوب، فالمعنى الذي في التراب ليس موجودًا في الماء مهما كان تكراره، وليس الهدف فقط هو النظافة، بل الهدف هو تطهير من نوع خاص.

فالبول إذا غسلته مرة واحدة ذهبت بالنجاسة، فغسله مرة ثانية لا معنى لذلك،


(١) المغني (١/ ٤٦).
(٢) طرح التثريب (١/ ١٣٣، ١٣٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>