للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

نجسًا، وإنما الخلاف هل يصبح طاهرًا أو طهورًا، والله أعلم.

[دليل من قال الماء طاهر غير مطهر]

قالوا: إن هذا الماء قد تغير بطاهر فيكون كما لو تغير بممازج، قال أبو الخطاب: من سلم من أصحابنا أن التغير بالكافور، والعود، والدهن لا يمنع من الطهارة، قال: لأن ذلك تغير مجاورة لا مخالطة، والمانع تغير المخالطة، وهذا غير صحيح، فإن الكافور يوجد طعمه في الماء ومرارته، وكذلك طعم الدهن، وليس ذلك إلا بحصول جزء منه في الماء، ومخالطة له (١).

• دليل من قال الماء طهور مكروه:

قالوا إن الماء إذا تغير بغير ممازج، فإنه طهور يرفع الحدث ويزيل النجاسة، ومكروه: أي يثاب تاركه امتثالًا، ولا يعاقب فاعله.

فلماذا هو طهور، وقد تغير؟ لأن التغير ليس عن ممازجة وإنما هو عن مجاورة.

وقلنا: مكروه خروجًا من الخلاف؛ لأن بعض العلماء ذهب إلى أنه طاهر فقلنا إنه مكروه خروجًا من الخلاف.

أن التعليل بالكراهة لوجود الخلاف قول ضعيف، وهو قد زاد من الخلاف، ولم يخفف الخلاف، لثلاثة وجوه:

الوجه الأول:

أنتم لم تأتوا بقول يجمع بين القولين حتى يقال: دفعكم إلى القول به وجود الخلاف، فلا أنتم تمسكتم بالقول بأنه طهور بلا كراهة، ولا أنتم قلتم بأنه طاهر، فأنتم في الحقيقة أحدثتم قولًا ثالثًا لا لدليل دعاكم إلى القول بهذا القول، ولكن الذي دعاكم إلى هذا وجود قولين في المسألة وبدلًا من أن يصبح في المسألة قولان أصبح فيها ثلاثة أقوال: طهور مطلقًا، وطاهر، والقول الذي أحدثتموه (طهور مكروه).


(١) الانتصار (١/ ١٢٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>