قال الشافعي في الأم: بدأ الله جل وعز خلق آدم من ماء وطين، وجعلهما معًا طهارة، وبدأ خلق ولده من ماء دافق، فكان في ابتدائه خلق آدم من الطهارتين اللتين هما الطهارة دلالة أن لا يبدأ خلق غيره إلا من طاهر لا من نجس.
• وأجيب:
بأن قولكم إن المنى مبدأ خلق بشر، فكان طاهرًا كالتراب غريب، فالتراب وضع طهورًا ومساعدًا للطهور في الولوغ، ويرفع الحدث أو حكمه، فأين ما يتطهر به إلى ما يتطهر منه؟ على أن الاستحالات تعمل عملها، فأين الثواني من المبادئ، وهل الخمر إلا ابنة العنب، والمني إلا المتولد من الأغذية في المعدة ذات الإحالة لها إلى النجاسة، ثم إلى الدم، ثم إلى المني (١).
• ورد هذا الجواب:
أما كون المني يتطهر منه، فقد أجبنا على هذا، وأن هذا لا يقتضي تنجيسه.
وأما اعتبار الإحالة، فهذا صحيح، وهو حجة عليكم، فالاستحالة تقلب الطيب إلى خبيث، كالغذاء ينقلب إلى عذرة، وتقلب الخبيث إلى طيب، كاللبن من دم الحيض، فلو اعتبرنا الإحالة لحكمنا بطهارة المني، فإن كان المني قد استحال من الدم، فالدم على الصحيح طاهر، وسوف نذكر الخلاف فيه إن شاء الله في باب النجاسات.
وإن كان قد استحال من البول والغائط، فأين الغائط النتن من المني ذي الرائحة