للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

على أكمل أحواله، مستور العورة، متجنبًا للنجاسة، نظيف الأعضاء وضيئها، وهذا حاصل بإتيانه بهذه الأفعال، نواها أو لم ينوها، يوضحه أن الوضوء غير مراد لنفسه، بل مراد لغيره، والمراد لغيره لا يجب أن ينوى؛ لأنه وسيلة. وإنما تعتبر النية في المراد لنفسه إذ هو المقصود المراد (١).

ونوقش:

كون الطهارة من الحدث وسيلة للعبادة لا يكفي في عدم اشتراط النية، ذلك أن الوسائل قسمان: وسيلة لغيره، وهي مقصودة بنفسها كالوضوء، ووسيلة ليست مقصودة لذاتها كإمرار الموسى على رأس الأقرع عند التحلل، فما كان من الأول وجبت له النية بخلاف الثاني فإنه غير مشروع على الصحيح.

وقياس طهارة الحدث على طهارة الخبث لا يصح، كما تقدم، ولهذا تجد سبب الحدث ليس مرتبطًا في محل طهارة الحدث، فالبول والغائط سبب للحدث، ومحلهما الفرج قبلًا كان أو دبرًا، والطهارة من الحدث متعلقة بأربعة أعضاء، ليس منها ما هو سبب للحدث.

وأما طهارة الخبث فهي معقولة المعنى، ومحل التطهير متعلق بمحل الخبث، لهذا كانت النية ليست شرطًا فيها.

[دليل من قال: النية شرط في طهارة التيمم دون طهارة الماء]

أما أدلتهم في أن النية ليست شرطًا في طهارة الماء فذكرتها فيما سبق.

وأما وجه التفريق بين التراب وطهارة الماء، فذكروا وجوهًا منها:

الأول: أن التيمم في اللغة: القصد، وذلك يدل على اشتراط النية فيه، بخلاف الوضوء والغسل، فإن النية قدر زائد على مرور الماء على الأعضاء المغسولة، فإذا جرى الماء على أعضاء الوضوء، أو عم الماء جميع البدن فيصدق عليه أنه امتثل الأمر الشرعي


(١) بدائع الفوائد (٣/ ١٧٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>