للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فشككت بالرمح الطويل إهابه ليس الكريم على القنا بمحرم (١).

[الدليل السادس]

قالوا: إن الرسول صلى الله عليه وسلم إنما أباح الانتفاع بجلد الميتة المدبوغ إذا كان مما يؤكل لحمه؛ لأن الخطاب الوارد في ذلك إنما خرج على شاة ماتت لبعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، فدخل في ذلك كل ما يؤكل لحمه، وما لم يؤكل لحمه فداخل في عموم تحريم الميتة، واستدلوا بقول أكثر العلماء في المنع من جلد الميتة بعد الدباغ، بأن الذكاة غير عاملة فيه، قالوا: فكذلك السباع لا تعمل فيها الذكاة لنهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكلها، ولا يعمل فيها الدباغ؛ لأنها ميتة، لم يصح خصوص شيء منها (٢).

• الراجح:

أن جلد الميتة متنجس، وليس نجسًا، وطهارته بقطع تلك الرطوبات عنه، وأحاديث الدباغ أصحها حديث ابن عباس، وفيه تفرد عبد الرحمن بن وعلة، وبه ضعفه الإمام أحمد، وقد جاءت الأحاديث الصحيحة بالانتفاع بجلد الميتة، ولم يذكر الدباغ كشرط لحل الانتفاع، وما رود من الأحاديث الصحيحة في الدباغ فهي حكاية فعل، فالذي يظهر لي والله أعلم أن قطع تلك الرطوبات بأي طريقة يجيز الانتفاع بجلد الميتة، والدباغ طريق لقطع تلك الرطوبات، وليس شرطًا في حل الانتفاع، فكل ما يذهب تلك الرطوبات فهو مطهر للجلد، هلة قاعدة: أن النجاسة إذا زالت بأي مزيل فقد زال حكمها، والله أعلم، ولم يثبت عندي حديث: (دباغها ذكاتها)، وأما النهي عن جلود السباع فليست العلة فيه كون الدباغ لا يطهره، وإنما كونه من جلود السباع، ولذلك لو كان من جلد حيوان نجس من غير السباع لم يكن داخلًا في النهي عن جلود السباع، فالنهي عن جلود السباع أخص من النهي عن جلود غيرها من الحيوانات النجسة، ولا يستدل بالأخص على الأعم، والله أعلم.

* * *


(١) التمهيد (٤/ ١٧٠).
(٢) التمهيد (٤/ ١٨٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>