للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وهذا الكلام مدخول من وجهين:

الأول: القطع بأن هذه القصة متأخرة عن إعفاء الشعر، وإكرامه، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم صار إليه بعد أن كان له شعر كثير، وأن الرسول ترك إعفاء الشعر لأجل هذه القصة لا شك أن هذا من الظن الذي لا يغني من الحق شيئًا، وقد عقدت فصلًا مستقلًا في إكرام الشعر وتسريحه ودهنه، مما يجعل الباحث يقطع أن السنة إعفاء شعر الرأس وإكرامه.

الثاني: الاعتقاد بأن هذا القصة تعارض الأحاديث الكثيرة في إكرام الشعر غير صحيح، والجواب عن هذا، أن يقال:

إن هذا الرجل كان شعره طويلًا كثيرًا إلى حد الشهرة، فكان الأحسن تخفيفه عن حد الشهرة، ولذا ليس في الحديث أنه حلقه، وإنما جزه، ولا يصلح دليلًا للحلق إلا لو جاء في الحديث أن الرجل حلق رأسه، وربما حسن له رسول الله صلى الله عليه وسلم جز شعره وتخفيفه نظرًا لأنه لم يقم بحقه من تعهده وتنظيفه، وقد سبق أن قلت: إن ترك الشعر سنة لمن كان قادرًا على القيام بمؤنته من تسريحه وتنظيفه، أما من لا يقدر على ذلك فالأفضل في حقه تخفيف الشعر وجزه بدون حلق إلا في نسك، والحامل على هذا التأويل الأحاديث الكثيرة في صفة شعر الرسول صلى الله عليه وسلم بل والأنبياء قبله عليهم الصلاة والسلام، والصحابة رضوان الله عليهم أجمعين، والله أعلم.

[الدليل الثاني]

(٢٢٦٧ - ٢١٨) روى أحمد، قال: حدثنا عبد الرزاق، ثنا معمر، عن أبي إسحاق، عن شمر،

عن خريم رجل من بنى أسد، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لولا أن فيك اثنتين كنت أنت، قال: إن واحدة تكفيني. قال: تسبل إزارك وتوفر شعرك. قال: لا جرم، والله لا أفعل (١).


(١) مسند أحمد (٤/ ٣٢١).

<<  <  ج: ص:  >  >>