للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فهذا الحديث يدل على أن الأخذ من الشارب واجب، بل لو قيل: إن تاركه مرتكب لكبيرة من كبائر الذنوب لم يكن بعيدًا لهذا العقاب.

فهذا الحديث، والحديث الذي قبله يدلان أن سنن الفطرة ليست مستحبة، وإنما هي واجبة، فيسقط القول بأن الختان قرن بما هو مستحب، فيكون مستحبًا (١).

[الدليل الثالث]

(٢٠٨٠ - ٣١) ما رواه البخاري في الأدب المفرد، قال: أخبرنا عبد الله، قال: أخبرنا معتمر، قال: حدثني سلم بن أبي الذيال (وكان صاحب حديث) قال:

سمعت الحسن يقول: أما تعجبون لهذا (يعني مالك بن المنذر) عمد إلى شيوخ من أهل كسكر أسلموا ففتشهم، فأمر بهم فختنوا في هذا الشتاء فبلغني أن بعضهم قد مات، ولقد أسلم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الرومي والحبشي فما فتشوا عن شيء (٢).

[إسناد حسن، وهو موقوف على الحسن] (٣).

• وأجيب:

قال ابن القيم: «جوابه أنهم استغنوا عن التفتيش بما كانوا عليه من الختان، فإن العرب قاطبة كانوا يختتنون، واليهود قاطبة تختتن، ولم يبق إلا النصارى، وهم فرقتان: فرقة تختتن، وفرقة لا تختتن، وقد علم كل من دخل الإسلام منهم ومن غيرهم أن


(١) وقد ذهب الجمهور إلى استحباب سنن الفطرة. وحملوا قوله صلى الله عليه وسلم: (من لم يأخذ من شاربه فليس منا) كقوله صلى الله عليه وسلم: (من لم يتغن بالقرآن فليس منا) فالمراد ليس على سنتنا، وليس على طريقتنا، بل حكي الإجماع على أن الأخذ من الشارب ليس بواجب، حكاه جماعة من أهل العلم كما سيأتي، ولم يوجبه إلا ابن العربي وابن الحزم، ومثل هذا الخلاف لا يخرق الإجماع، والله أعلم.
(٢) الأدب المفرد (١٢٨٧).
(٣) سلم بن أبي الذيال، قال أحمد: ثقة صالح الحديث، ما سمعت أحدًا حدث عنه غير معتمر، وكان غزا معه في البحر، فسمع منه، زعموا ذاك. العلل (٢٣٢٥).
وقال أحمد في رواية: حديثه مقارب، وفي سؤالات أبي داود (٤٩٣)، قال أحمد: حسن الحديث.

<<  <  ج: ص:  >  >>