للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قلت: يلزم على هذا القول وجوب الوضوء مع الغسل إذا كان جنبًا محدثًا، والراجح عدم وجوب الوضوء مطلقًا، وهو الصحيح حتى في مذهب الشافعية، وقد تقدم تحرير الخلاف في الفصل الذي قبل هذا.

• دليل من قال: يتوضأ بنية رفع الجنابة:

[الدليل الأول]

الدليل على أن الوضوء في غسل الجنابة، هو غسل في صورة وضوء، وأن تقديمه لأعضاء الوضوء بمنزلة تقديم اليمنى على اليسرى في الوضوء، ولم يكن بنية رفع الحدث الأصغر، قوله صلى الله عليه وسلم لأم عطية واللواتي غسلن ابنته:

اغسلنها، وابدأن بمواضع الوضوء منها. متفق عليه (١).

فجعل الأمر موجهًا للغسل، وجعل ابتداء الغسل إنما هو لمواضع الوضوء، فهو لم يكن وضوءًا بنية رفع الحدث، وإنما كان غسلًا مقدمًا فيه أعضاء الوضوء لشرفها.

[الدليل الثاني]

كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من الوضوء غسل سائر جسده، ولم يغسل أعضاء الوضوء مرة أخرى، بل كان يكتفي بغسلها في أول الأمر، ولو كان غسله الأعضاء بنية رفع الحدث الأصغر، لاحتاج إلى غسلها مرة أخرى بنية رفع الحدث الأكبر، وإلا فلا يمكن أن ينوي الأصغر، ويرتفع الأكبر؛ لأن الأصغر لا يتضمن الأكبر والعكس صحيح.

(٨٩٨ - ٢١٨) فقد روى البخاري من طريق هشام بن عروة، عن أبيه،

عن عائشة، قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اغتسل من الجنابة غسل يديه، وتوضأ وضوءه للصلاة، ثم اغتسل، ثم يخلل بين شعره، حتى إذا ظن أنه قد أروى بشرته، أفاض عليه الماء ثلاث مرات، ثم غسل سائر جسده، ورواه مسلم (٢).


(١) البخاري (١٦٧)، ومسلم (٩٣٩).
(٢) البخاري (٢٧٢)، ومسلم (٣١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>