للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

شربه إجماعًا، ولو كان جزءًا منها لأعطي حكم ميتته، ثم إن أجزاء الميتة ليست على درجة واحدة، فمنه الشعر والوبر والصوف، فهذا طاهر على الصحيح.

ومنه الجلد، فهذا يطهر بالدباغ.

ومنه اللحم فهذا محرم الأكل، وحكي الإجماع على نجاسته.

[الدليل الثاني]

أنه لبن طاهر في ذاته، ولكنه تنجس لنجاسة الوعاء، فهو بمنزلة لبن طاهر صب في قصعة نجسة.

قال ابن تيمية: واللبن والإنفحة لم يموتا، وإنما نجسهما من نجسهما لكونهما في وعاء نجس، فالتنجس مبني على مقدمتين: على أن المائع لاقى وعاء نجسًا، وعلى أنه إذا كان كذلك صار نجسًا (١).

• وأجيب:

قال أبو بكر الجصاص: إن قيل: ما الفرق بينه وبين ما لو حلب من شاة حية ثم جعل في وعاء نجس وبين ما إذا كان في ضرع الميتة؟

قيل: الفرق بينهما أن موضع الخلقة لا ينجس ما جاوره بما حدث فيه خلقة. والدليل على ذلك اتفاق المسلمين على جواز أكل اللحم بما فيه من العروق مع مجاورة الدم لدواخلها من غير تطهير ولا غسل لذلك، فدل ذلك على أن موضع الخلقة لا ينجس بالمجاورة لما خلق فيه.

ودليل آخر، وهو قوله: (مِن بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَّبَناً خَالِصاً سَائِغاً لِلشَّارِبِينَ) [النحل: ٦٦]، فهذا إخبار بخروجه من بين فرث ودم، وهما نجسان مع الحكم بطهارته، ولم تكن مجاورته لهما موجبة لتنجيسه؛ لأنه موضع الخلقة، كذلك كونه في ضرع ميتة لا يوجب


(١) مجموع الفتاوى (٢١/ ١٠٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>