للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

التفسير هو الصواب دون الأول .... ثم ذكر ابن تيمية أدلته على هذا الترجيح، فذكر منها:

أولًا: أن الضرورة لا تختص بسفر، ولا من شرط الخارج على الإمام أن يكون مسافرًا، والبغاة الذين أمر الله بقتالهم في القرآن لا يشترط فيهم أن يكونوا مسافرين، ولا كان الذين نزلت الآية فيهم أولًا مسافرين، بل كانوا من أهل العوالي مقيمين، واقتتلوا بالنعال والجريد، فكيف يجوز أن تفسر الآية بما لا يختص بالسفر.

ثانيًا: لم يكن على عهد النبى صلى الله عليه وسلم إمام يخرج عليه.

ثالثًا: أن قوله تعالى: (غَيْرَ بَاغٍ) حال من اضطر، فيجب أن يكون حال اضطراره وأكله الذي يأكل فيه، غير باغ ولا عاد.

رابعًا: أن قوله: (فَلا إِثْمَ عَلَيْه) ومعلوم أن الإثم إنما ينفى عن الأكل، الذي هو الفعل، لا عن نفس الحاجة إليه.

خامسًا: أن الله تعالى يقرن بين البغي والعدوان، فالبغى: ما جنسه ظلم، والعدوان: مجاوزة القدر المباح كما قرن بين الإثم والعدوان في قوله: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) [المائدة: ٢]. فالإثم: جنس الشر. والعدوان: مجاوزة القدر المباح فالبغي من جنس الإثم (١).

[الدليل الثاني]

الإجماع، نقل النووي الإجماع على أن الرجل إذا كان سفره معصية كقطع الطريق، وإباق العبد أنه لا يمسح ثلاثة أيام بلا خلاف (٢).

ودعوى الإجماع فيها نظر؛ فإن الحنفية لا يفرقون بين العاصي بسفره، والعاصي في سفره، فكلاهما يحل له الترخص عندهم.


(١) انظر مجموع الفتاوى (٢٤/ ١١٠).
(٢) المجموع (١/ ٥١٠) ولعله يقصد بلا خلاف في المذهب عندهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>