للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قلت: كلام ابن حجر ظاهر، فهذا الدليل لا يمنع وجوب الغسل بدليل آخر، ولا يوجد دليل واحد يقوم بكل الواجبات الشرعية، فهذا دليل يوجب السعي للجمعة عند سماع النداء، وآخر يوجب الغسل، وثالث يوجب الاستماع وعدم الكلام وهكذا، وعلى التنزل أن يكون هذا الدليل فيه تلويح بعدم وجوب الغسل، فيكون ذلك على البراءة الأصلية، والأحاديث التي توجب الغسل تكون مقدمة؛ لأنها ناقلة عنها، وشاغلة للذمة، والله أعلم.

[الدليل الثالث]

(٧٢٤ - ٤٤) ما رواه البخاري من طريق الزهري، عن سالم بن عبد الله بن عمر،

عن ابن عمر رضي الله عنهما أن عمر بن الخطاب بينما هو قائم في الخطبة يوم الجمعة إذ دخل رجل من المهاجرين الأولين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فناداه عمر، أية ساعة هذه؟ قال: إني شغلت، فلم أنقلب إلى أهلي حتى سمعت التأذين، فلم أزد أن توضأت. فقال: والوضوء أيضًا، وقد علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمر بالغسل (١).

وجه الاستدلال:

قالوا: لما لم يترك عثمان الصلاة للغسل، ولم يأمره عمر بالخروج للغسل فدل ذلك على أنهما قد علما أن الأمر بالغسل للاختيار (٢).

وزاد بعضهم بأن من حضر من الصحابة الصلاة قد وافقوهما على ترك عثمان للغسل، فكان إجماعًا.

وقال ابن عبد البر: «ومن الدليل على أن أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالغسل يوم الجمعة ليس بفرض واجب، أن عمر رضي الله عنه في هذا الحديث لم يأمر عثمان بالانصراف للغسل، ولا انصرف عثمان حين ذكره عمر بذلك، ولو كان الغسل واجبًا فرضًا


(١) البخاري (٨٧٨)، ومسلم (٨٤٥).
(٢) الفتح تحت رقم (٨٧٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>