وقيل: التوسع في المشرب والمطعم، أراد ترك التنعم والدعة ولين العيش؛ لأنه من زي العجم، وأرباب الدنيا. قال بعض العلماء الأفاضل: «والحديث يرد ذلك التفسير، ولهذا قال أبو الحسن السندي: في حاشيته على النسائي: وتفسير الصحابي يغني عما ذكروا، فهو أعلم بالمراد». وترجيحه هذا حمله عليه تعظيمه لتفسير السلف على الخلف وفقه الله، ولكن عندي أن التفسير من التفسير بالمثال، ولذلك قال عبد الله بن بريدة في رواية النسائي: (منه الترجل) وكلمة (منه) للتبعيض، ولا شك أن دخول ما ذكره السلف في الإرفاه يكون أولى من غيره، لكن مدلول الكلمة أعم من مثال واحد، والله أعلم. (١) سنن النسائي (٥٢٣٧). (٢) ورواه مالك في الموطأ (٢/ ٩٤٩) عن يحيى بن سعيد، أن أبا قتادة الأنصاري قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم إن لي جمة أفأرجلها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نعم وأكرمها، فكان أبو قتادة ربما دهنها في اليوم مرتين لما قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: وأكرمها. الحديث له أكثر من علة، وفيه اختلاف في إسناده ومتنه، ومنها: أولًا: الانقطاع، فمحمد بن المنكدر لم يسمع من أبي قتادة، قال الحافظ: قال البخاري، عن هارون بن محمد الفروي: مات سنة إحدى وثلاثين ومائة، وقال ابن المديني، عن أبيه، بلغ ستًّا وسبعين سنة، قال الحافظ: فيكون روايته عن عائشة وأبي هريرة وعن أبي أيوب الأنصاري وأبي قتادة وسفينة ونحوهم مرسلة. تهذيب التهذيب (٩/ ٤١٧). وبهذا التحقيق من ابن حجر يتبين أن ابن عبد البر رحمه الله تعالى لم يصب حين قال في التمهيد (٢٤/ ٩): لا أعلم بين رواة الموطأ اختلاف في إسناد هذا الحديث، وهو عند جميعهم هكذا =