للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقيل: إن كان ذا مال كثير، ولا تجحف به الزيادة لزمه الشراء، ولو كانت الزيادة كثيرة، وهو قول في مذهب الحنابلة (١).

• دليل الحسن على وجوب شراء الماء ولو بماله كله:

هذا القول انفرد به الحسن عن بقية العلماء، ولعل دليله، أن الله سبحانه وتعالى شرط للتيمم عدم وجود الماء بقوله تعالى: (فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا) [المائدة: ٦]، وهذا واجد للماء، ثم إن المال إذا ذهب لتحصيل شرط الصلاة لم يكن مبذرًا ولا مسرفًا؛ وذلك لأنه صرفه في أعظم الأعمال بعد الشهادتين، وهو الصلاة.

• دليل الجمهور على أن الزيادة إذا كانت فاحشة تيمم:

[الدليل الأول]

دلت النصوص القطعية على حرمة مال المسلم، وأن حرمة ماله كحرمة نفسه، والضرر في النفس مسقط، فكذلك الضرر في المال (٢).

[الدليل الثاني]

أن التفريق بين الغبن اليسير والغبن الفاحش مقرر في الشرع، وأن الناس قد يقع بينهم مثل ذلك في معاملاتهم، ولا يعدون ذلك موجبًا لفسخ البيع، فالمصير إليه متعين في وجوب شراء الماء.

والعجب أن الشافعية يوجبون التيمم، ولو كان ذلك يلحق بالبدن ضررًا كبيرًا من زيادة في المرض أو تأخير في البرء، ولا يجيزون التيمم إلا مع خوف تلف النفس أو العضو، مع أن زيادة المرض نوع من الضرر يلحق بالبدن، ويجيزون التيمم إذا لحق المال ضرر يسير، مع أن الأولى مراعاة البدن على مراعاة المال.


(١) قال في الإنصاف (١/ ٢٦٩): «وعنه إن كان ذا مال كثير لا تجحف به زيادة لزمه الشراء». إلخ كلامه رحمه الله.
(٢) انظر العناية شرح الهداية (١/ ١٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>