إذا ذكر عموم أو مطلق بحكم، ثم ذكر فرد من أفراده بحكم يوافق حكم العام أو المطلق، فإن هذا الفرد لا يعتبر مخصصًا ولا مقيدًا للعموم.
مثال ذلك: إذا قلنا: أكرم طلبة العلم، فهذا لفظ يفيد عموم الطلبة، ثم قلنا: أكرم زيدًا، وكان زيد من طلبة العلم، فإنه لا يفهم منه تخصيص الإكرام لزيد وحده.
فحديث جابر: جعلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا مطلق يشمل جميع الأرض.
وحديث وجعلت تربتها لنا طهورًا التراب فرد من أفراد الأرض، ذكر بحكم يوافق حكم الأرض بكونها طهورًا، فلم يقتض ذلك تقييدًا ولا تخصيصًا.
قال ابن المنذر في الأوسط للتدليل على هذه القاعدة: «ونظير ذلك قوله تعالى: (حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ) الآية [البقرة: ٢٣٨]، فأمر بالمحافظة على الصلوات، والصلوات داخلة في جملة قوله:(حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ)[البقرة: ٢٣٨]، ثم خص الوسطى بالأمر بالمحافظة عليها، فقال:(والصَّلاةِ الْوُسْطَى)[البقرة: ٢٣٨]، فلم تكن خصوصية الوسطى بالأمر بالمحافظة عليها مخرجًا سائر الصلوات من الأمر العام الذي أمر بالمحافظة على الصلوات» (١).
فكأن ابن المنذر يقول مفهوم (والصَّلاةِ الْوُسْطَى)[البقرة: ٢٣٨] الآية، لا يعارض به منطوق حافظوا على الصلوات.
[الدليل الثالث]
(٩٩٣ - ٧٠) ما رواه أحمد، قال: حدثنا عبد الرزاق، حدثنا المثنى بن الصباح، أخبرني عمرو بن شعيب، عن سعيد بن المسيب،
عن أبي هريرة، قال: جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله إني أكون في الرمل أربعة أشهر، أو خمسة أشهر، فيكون فينا النفساء والحائض والجنب، فما ترى؟